فصل: تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ}

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أحكام القرآن ***


تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ‏}‏

قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ إِلَى آخِرِ الآيَةِ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ ما‏:‏

1965- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ بَيْنَا نَحْنُ عَشِيَّةَ جُمُعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ قَالَ رَجُلٌ‏:‏ إِنَّ أَحَدَنَا رَأَى مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلا، فَإِنْ هُوَ قَتَلَهُ قَتَلْتُمُوهُ، وَإِنْ هُوَ تَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ شَدِيدٍ، اللهُمَّ احْكُمْ فَأُنْزِلُتْ آيَةُ اللِّعَانِ ‏"‏ قَالَ عَبْدُ اللهِ‏:‏ ‏"‏ فَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوَّلَ مَنِ ابْتُلِيَ ‏"‏ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا ما‏:‏

1966- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو الْمُنْذِرِ أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ‏:‏ دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ، فَسَأَلْتُهُ‏:‏ هَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُتَلاعِنَيْنِ‏؟‏ فَحَدَثَّنِي أَنَّ رَجُلا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ‏:‏ الرَّجُلُ يَرَى مَعَ امْرَأَتِهِ الرَّجُلَ، فَإِنْ سَكَتَ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ، وَإِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ قَالَ‏:‏ فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ‏:‏ قَدِ ابْتُلِيتُ بِالَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ قَالَ‏:‏ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَاتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُورَةِ النُّورِ فَخَوَّفَهُ، وَقَالَ‏:‏ ‏"‏ عَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ ‏"‏ وَذَكَّرَهُ، فَقَالَ‏:‏ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ، وَدَعَا الْمَرْأَةَ فَذَكَرَهَا، وَقَالَ‏:‏ ‏"‏ عَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ ‏"‏، فَقَالَتْ‏:‏ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنَّهُ لَكَاذِبٌ قَالَ‏:‏ فَقَامَ الرَّجُلُ فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، ثُمَّ قَامَتِ الْمَرْأَةُ فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا فِي الأَوَّلِ عَنْ قَوْلِهِ‏:‏ وَإِنْ تَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ وَفِيهِ كَيْفِيَّةُ اللِّعَانِ، وَتَفْرِيقُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُتَلاعِنَيْنِ بَعْدَ تَمَامِهِ، وَتَخْوِيفُهُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِمَّا خَوَّفَهُ مِنْهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا مَا‏:‏

1967- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ وَأَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، أَخْبَرَهُ، أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلانِيَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ، فَقَالَ لَهُ‏:‏ أَرَأَيْتَ يَا عَاصِمُ لَوْ أَنَّ رَجُلا وَجَدَ رَجُلا مَعَ امْرَأَتِهِ، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ‏؟‏ سَلْ لِي عَنْ ذَلِكَ يَا عَاصِمُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ، فَقَالَ‏:‏ يَا عَاصِمُ، مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏ فَقَالَ عَاصِمٌ لِعُوَيْمِرٍ‏:‏ لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا فَقَالَ عُوَيْمِرٌ‏:‏ وَاللهِ لا أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا، فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسْطَ النَّاسِ، فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ رَجُلا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ‏؟‏ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ قَدْ أُنْزِلَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا ‏"‏ قَالَ سَهْلٌ‏:‏ فَتَلاعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا فَرَغَا قَالَ عُوَيْمِرٌ‏:‏ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلاثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ‏:‏ وَكَانَتْ سُنَّةَ الْمُتَلاعِنَيْنِ‏.‏

1968- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْفِهْرِيُّ، وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلٍ، بِنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَالَ‏:‏ ‏"‏ فَطَلَّقَهَا ثَلاثَ تَطْلِيقَاتٍ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْفَذَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ مَا صَنَعَ عنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَّةً ‏"‏ قَالَ سَهْلٌ‏:‏ ‏"‏ فَحَضَرْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَضَتِ السُّنَّةُ بَعْدُ فِي الْمُتَلاعِنَيْنِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا ‏"‏

فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِثْلُ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ غَيْرَ قَوْلِهِ‏:‏ وَإِنْ تَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ وَفِيهِ مُلاعَنَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ اللَّذَيْنِ حَدَثَ الأَمْرُ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ كَانَ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا، وَفِيهِ تَفْرِيقُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا فَهَذَا مَا رُوِيَ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّمْيِ الَّذِي يُوجِبُ هَذَا اللِّعَانَ مَا هُوَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ هُوَ قَوْلُ الزَّوْجِ لامْرَأَتِهِ‏:‏ رَأَيْتُكِ تَزْنِينَ، لا مَا سِوَاهُ مِنْ قَوْلِهِ لَهَا‏:‏ يَا زَانِيَةُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لامْرَأَتِهِ‏:‏ رَأَيْتُكِ تَزْنِينَ، وَقَوْلُهُ لَهَا‏:‏ يَا زَانِيَةُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي قَوْلِهِمْ يُوجِبُ اللِّعَانَ الْحَادِثَ بَيْنَهُمَا، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْكُوفِيِّينَ، وَمِمَّنْ سِوَاهُمْ، وَالشَّافِعِيُّ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَجَبَ النَّظَرُ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَرَأَيْنَاهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي الآيَةِ الَّتِي قَبْلَ آيَةِ اللِّعَانِ مِنْ سُورَةِ النُّورِ‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ‏}‏، إِلَى آخِرِ الآيَةِ فَكُلُّ ذَلِكَ الرَّمْيِ الْمَذْكُورِ فِيهَا هُوَ الرَّمْيُ بِالزِّنَى، كَانَتِ الرِّوَايَةُ مَذْكُورَةً فِيهِ أَوْ لَمْ تَكُنْ فَلَمَّا كَانَ الرَّمْيُ الْمَذْكُورُ فِي الآيَةِ الأُولَى هُوَ مَا ذَكَرْنَا، كَانَ الرَّمْيُ الْمَذْكُورُ فِي الآيَةِ الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ، فَثَبَتَ بِمَا وَصَفْنَا مَا قَالَ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الثَّانِيَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْفُرْقَةِ الْوَاجِبَةِ بِسَبَبِ اللِّعَانِ مَتَى تَقَعُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ حَتَّى يَزُولَ بِهَا النِّكَاحُ الَّذِي بَيْنَهُمَا بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ أَنَّهُمَا لا يُقَرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا بَعْدَ اللِّعَانِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ إِذَا تَمَّ اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا وَفَرَغَا مِنْهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَقُلِ الْحَاكِمُ لَهُمَا‏:‏ قَدْ فَرَّقْتُ بَيْنَكُمَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَزُفَرُ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ إِذَا فَرَغَ الزَّوْجُ مِنَ اللِّعَانِ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ، ثُمَّ تُلاعِنُ الْمَرْأَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلا نِكَاحَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقَاذِفِ لَهَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَلَمْ يَحْكِ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ هُمَا زَوْجَانِ عَلَى حَالِهِمَا الَّتِي كَانَا عَلَيْهَا قَبْلَ اللِّعَانِ حَتَّى يَقُولَ الْحَاكِمُ‏:‏ قَدْ فَرَّقْتُ بَيْنَكُمَا، فَيَزُولُ بِذَلِكَ النِّكَاحُ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا، وَمَا لَمْ يَقُلِ الْحَاكِمُ لَهُمَا ذَلِكَ، وَإِنْ فَرَغَا مِنَ اللِّعَانِ، لَمْ يَزُلِ النِّكَاحُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ فِي إِمْلائِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ‏:‏ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَجَبَ النَّظَرُ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَوَجَدْنَا هَذَا اللِّعَانَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْعَجْلانِيِّ وَامْرَأَتِهِ هُوَ أَوَّلُ لِعَانٍ كَانَ فِي الإِسْلامِ، وَوَجَدْنَا الآيَةَ الَّتِي فِيهَا اللِّعَانُ إِنَّمَا أُنْزِلَتْ فِيهِ وَفِي صَاحِبَتِهِ، وَكَشَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ، وَمُرَادَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ حَتَّى عَلِمَهُ النَّاسُ مِنْهُ، وَوَجَدْنَا حُقُوقًا تَجِبُ بِالْفُرْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ، وَحُقُوقًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تَجِبُ عَلَيْهِمَا فِي تِلْكَ الْفُرْقَ، فَاسْتَحَالَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنْ تَكُونَ فُرْقَةٌ تُوجِبُ هَذِهِ الْمَعَانِيَ وَقَعَتْ عِنْدَ فَرَاغِ الزَّوْجِ مِنَ اللِّعَانِ، أَوْ عِنْدَ فَرَاغِ الْمَرْأَةِ، لا يُعْلِمُهُمَا إِيَّاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَفْعَلا الْوَاجِبَ عَلَيْهِمَا فِيهَا أَلا تَرَى أَنَّ الْفُرْقَةَ إِذَا وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا أُوجِبَ عَلَى الْمَرْأَةِ الْعِدَّةُ مِنَ الزَّوْجِ، وَأَنَّ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِ تَحْصِينَهَا فِيهَا، وَإِسْكَانَهَا إِلَى انْقِضَائِهَا، وَأَنَّ مِنْ حُقُوقِ الْمَرْأَةِ أَخْذَهُ بِالْوَاجِبِ لَهَا مِنَ السُّكْنَى فِي أَقْوَالِ هَؤُلاءِ الْقَائِلِينَ، وَأَنَّ عَلَيْهَا أَلا تُسَافِرَ، وَأَلا تَبِيتَ عَنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا الْمُفَارِقِ لَهَا، فَاسْتَحَالَ عِنْدَنَا تَرْكُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، وَثَبَتَ بِسُكُوتِهِ عَمَّا وَصَفْنَا أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ فُرْقَةٌ بَيْنَهُمَا إِلَى أَنْ فَرَّقَ الْفُرْقَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَفِي حَدِيثِ سَهْلٍ الَّذِي ذَكَرْنَا ثُمَّ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ خَاصَّةً أَنَّ عُوَيْمِرًا قَالَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ فَرَاغِهِ وَزَوْجَتِهِ مِنَ اللِّعَانِ‏:‏ كَذَبْتُ عَلَيْهَا إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلاثًا، وَلَمْ يَأْمُرْهُ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلم بِطَلاقِهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ النِّكَاحَ قَدْ كَانَ عِنْدَ عُوَيْمِرٍ قَائِمًا إِلَى الآنَ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَدْ وَقَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ وَلَمْ يُعْلِمْهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي طَلَّقَهَا مِمَّنْ لا يَقَعُ طَلاقُهُ عَلَيْهَا وَالْقَائِلُونَ بِالْقَوْلَيْنِ الأَوَّلَيْنِ يَقُولُونَ‏:‏ لا يَقَعُ الطَّلاقُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْبَائِنِ مِنْ زَوْجِهَا فِي عِدَّتِهَا، وَقَدْ أَنْفَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الطَّلاقَ عَلَى الْمُطَلِّقِ، وَأَلْزَمَهُ إِيَّاهُ، فَعَلَى أَيِّ مَعْنًى كَانَ هَذَا الطَّلاقُ لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ‏؟‏ فَأَهْلُ هَاتَيْنِ الْمَقَالَتَيْنِ خَارِجُونَ عَنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى، قَائِلُونَ بِخِلافِهِ، وَفِي ثُبُوتِ تَفْرِيقِ رَسُولِ اللهِ صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمَا لا يَبْقَيَانِ عَلَى النِّكَاحِ أَبَدًا غَيْرَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا لِلطَّلاقِ الَّذِي كَانَ، أَوْ بِأَسْبَابِ اللِّعَانِ وَرَأَيْنَا اللِّعَانَ ابْتَدَاؤُهُ كَانَ مِنَ الْحَاكِمِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الأَشْيَاءَ تَرْجِعُ أَوَاخِرُهَا إِلَى حُكْمِ أَوَائِلِهَا، وَأَنَّ مَا كَانَ أَوَّلُهُ مِنْهَا لا يَكُونُ إِلا بِالْحَاكِمِ، فَآخِرُهُ لا يَكُونُ إِلا بِهِ، وَمَا كَانَ أَوَّلُهُ بِغَيْرِهِ كَانَ آخِرُهُ كَذَلِكَ، وَشَرَحْنَا ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ شَرْحًا يُغْنِينَا عَنْ إِعَادَتِهِ فَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ اللِّعَانُ أَيْضًا كَذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ أَوَّلُهُ لَمَّا كَانَ بِالْحَاكِمِ، لا بِغَيْرِهِ، أَنْ يَكُونَ آخِرُهُ كَذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ بِالْحَاكِمِ لا بِغَيْرِهِ فَهَذِهِ الْحُجَّةُ عِنْدَنَا لازِمَةٌ لأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ عَلَى أَهْلِ الْمَقَالَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ غَيْرَ زُفَرَ، فَإِنَّا لا نَدْرِي هَلْ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّ الطَّلاقَ يَلْحَقُ الْمُعْتَدَّةَ الْبَائِنَ مِنَ الَّذِي تَعْتَدُّ مِنْهُ فِي عِدَّتِهَا أَمْ لا‏؟‏ فَإِنْ كَانَ هَذَا اللِّعَانُ وَقَعَ بَيْنَ هَذَيْنِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الزَّوْجُ بِالْمَرْأَةِ، وَوَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِمَا يَجِبُ وُقُوعَهَا مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَإِنَّهَا فِيمَا يَجِبُ لَهَا مِنَ الصَّدَاقِ عَلَى زَوْجِهَا كَالْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ كَالْبَائِنِ مِنْ زَوْجِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِفُرْقَةٍ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ زَوْجِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَلاقًا، فَإِنْ كَانَ قَدْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا فَلَهَا نِصْفُ مَا سَمَّى لَهَا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا فَهِيَ كَالْمُطَلَّقَةِ أَوْ كَالْبَائِنِ، وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا فِي بَابِ الْمُتْعَةِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ، وَهَذَا فَلا نَعْلَمُ فِيهِ اخْتِلافًا غَيْرَ شَيْءٍ يُرْوَى عن أَبِي بُرْدَةَ يَدُلُّ أَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْفُرْقَةَ فِي حُكْمِ الْفِرَقِ اللاتِي تَأْتِي مِنْ قِبَلِ الزَّوْجَاتِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالأَصْدَاقِ لَهَا فِيهَا، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللهُ فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الزَّوْجَةُ قَدْ دُخِلَ بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى حَالِهَا، فَإِنَّ لَهَا الصَّدَاقَ كَامِلا عَلَى زَوْجِهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ سَمَّى لَهَا فَلَهَا جَمِيعُ مَا سَمَّاهُ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُسَمِّ لَهَا فَلَهَا عَلَيْهِ صَدَاقٌ بِمِثْلِهَا مِنْ نِسَائِهَا، لا وَكْسَ عَلَيْهَا فِيهِ، وَلا شَطَطَ فِيهِ عَلَى زَوْجِهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما‏:‏

1969- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ‏:‏ فَرَّقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَخَوَيْ بَنِي الْعَجْلانِ، وَقَالَ لَهُمَا‏:‏ ‏"‏ حِسَابُكُمَا عَلَى اللهِ، اللهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، لا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا ‏"‏ قَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ، صَدَاقِي الَّذِي أَصْدَقْتُهَا قَالَ‏:‏ ‏"‏ لا مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا فَهُوَ أَبْعَدُ لَكَ مِنْهُ ‏"‏ وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَةَ تَسْتَحِقُّ بِدُخُولِ زَوْجِهَا بِهَا مَرَّةً وَاحِدَةً مِنَ الصَّدَاقِ فِي فُرْقَةٍ إِنْ وَقَعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ، مَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ بِطُولِ الْمُدَّةِ فِي الْمُجَامَعَةِ، وَلا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ اخْتِلافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرَ شَيْءٍ رُوِيَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ مُتَلاعِنَيْنِ، وَأَمَرَ الْمَرْأَةَ بِرَدِّ الصَّدَاقَ عَلَى زَوْجِهَا الْمُتَلاعِنِ لَهَا، وَأَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، وَكَانَ كَاتِبَهُ، خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ، وَرَدَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى أَغْضَبَهُ، وَهَذَا عِنْدَنَا مِنْ قَوْلِهِ شَاذٌّ، لا نَعْلَمُ لَهُ فِيهِ مُتَابِعًا عَلَيْهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْفُرْقَةِ الْوَاقِعَةِ بِاللِّعَانِ، هَلْ هِيَ طَلاقٌ أَمْ لا‏؟‏ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ هِيَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنٌ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدٌ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ‏:‏ وَهُوَ قَوْلُنَا، وَلَمْ يَذْكُرْ عَنِ أَبِي يُوسُفَ خِلافًا لَهُمَا فِيهِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ هِيَ فَسْخُ النِّكَاحِ بِغَيْرِ طَلاقٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي إِمْلائِهِ عَلَيْهِمْ بِبَغْدَادَ أَنَّ هَذَا الزَّوْجَ الْقَاذِفَ لامْرَأَتِهِ ذَكَرَ فِي قَذْفِهِ إِيَّاهَا أَنَّهَا حَامِلٌ مِنَ الزِّنَى الَّذِي قَذَفَهَا بِهِ، وَطَلَبَتِ الْمَرْأَةُ بِالْقَذْفِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ، فَإِنَّ الْقَذْفَ قَدْ وَقَعَ عَلَى أَمْرَيْنِ، أَحَدُهُمَا‏:‏ قَذْفُهُ إِيَّاهَا فِي نَفْسِهَا، فَإِنْ طَلَبَتْ مُلاعَنَتَهُ عَلَى ذَلِكَ لُوعِنَ بَيْنَهُمَا كَمَا يُلاعَنُ بَيْنَهُمَا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ، ثُمَّ تَكُونُ كَامْرَأَةٍ فَارَقَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ وَالآخَرُ‏:‏ نَفْيُهُ وَلَدَهَا فَإِنْ طَلَبَتِ اللِّعَانَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ، فَطَائِفَةٌ تَقُولُ لا يُلاعَنُ بَيْنَهُمَا، لأَنَّهُ لا حَقِيقَةَ عِنْدَنَا أَنَّهَا حَامِلٌ الْحَمْلَ الَّذِي نَفَاهُ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَطَائِفَةٌ تَقُولُ‏:‏ يُلاعَنُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ بِظَاهِرِ الْحَمْلِ، وَإِنْ كَانَ لا حَقِيقَةَ فِيهِ، وَيَنْتَفِي بِذَلِكَ الْحَمْلُ عَنِ الْمُلاعِنِ بِهِ كَمَا يَنْتَفِي لَوْ كَانَ لاعَنَ بِهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنْ أُمِّهِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَلَيْسَ بِالْمَشْهُورِ عَنْهُ وَطَائِفَةٌ تَقُولُ‏:‏ لا يُلاعَنُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ، وَلَكِنْ تَنْتَظِرُ بِهِ، فَإِنْ وَضَعَتْهُ الْمَرْأَةُ لأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ يَوْمِ قَذَفَهَا لاعَنَهَا عَلَيْهِ لَوْ كَانَ قَذَفَهَا بِهِ بَعْدَ أَنْ وَضَعَتْهُ، وَإِنْ وَضَعَتْهُ، وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُنْذُ يَوْمِ قَذَفَهَا بِهِ لَمْ يُلاعَنْ، وَكَانَ فِي حُكْمِ الْمَحْمُولِ بِهِ بَعْدَ الْقَذْفِ الَّذِي كَانَ مِنَ قَالَ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ، وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ هَذِهِ‏:‏ فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَكَانَ يَقُولُ‏:‏ لا لِعَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا الْوَلَدِ جَاءَتْ بِهِ أُمُّهُ لأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْهَا وَقَدْ رَوَى الْقَائِلُونَ أَنَّهُ يُلاعَنُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ الْمَنْفِيِّ عنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، ‏"‏ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعَنَ بِالْحَمْلِ ‏"‏ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَإِذَا هَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا أُتِيَ مِنْ قِبَلِ الَّذِي اخْتَصَرَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ اللِّعَانَ وَالْحَمْلَ، فَظَنَّ أَنَّ اللِّعَانَ كَانَ بِالْحَمْلِ فَاخْتَصَرَهُ عَلَى ذَلِكَ فَأَمَّا أَصْلُ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ بِلا اخْتِصَارٍ فَما‏:‏

1970- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ سَيْفٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ‏:‏ قَامَ رَجُلٌ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ‏:‏ أَرَأَيْتُمْ إِنْ وَجَدَ رَجُلٌ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلا فَإِنْ هُوَ قَتَلَهُ قَتَلْتُمُوهُ، وَإِنْ هُوَ تَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ، وَإِنْ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ شَدِيدٍ، اللهُمَّ احْكُمْ فَأُنْزِلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ قَالَ عَبْدُ اللهِ‏:‏ فَابْتُلِيَ بِهِ، وَكَانَ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلاعَنَ امْرَأَتَهُ، فَلَمَّا أُخِذَتِ امْرَأَتُهُ لِتَلْتَعِنَ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ مَهْ ‏"‏ فَلَمَّا أَدْبَرَتْ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ لَعَلَّهَا تَجِيءُ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا ‏"‏ فَجَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ جَعْدًا فَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لاعَنَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلٍ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ هَذَا الْمَعْنَى كَما‏:‏

1971- حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ‏:‏ مَا لِي عَهْدٌ بِأَهْلِي مُنْذُ عَفَّرْنَا النَّخْلَ، فَوَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلا وَزَوْجُهَا مُصْفَرٌّ، حَمْشٌ، سَبْطُ الشَّعْرِ، وَالَّذِي رُمِيَتْ بِهِ إِلَى السَّوَادِ، جَعْدٌ قَطَطٌ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ اللهُمَّ بَيِّنْ ‏"‏، ثُمَّ لاعَنَ بَيْنَهُمَا، فَجَاءَتْ بِهِ يُشْبِهُ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ‏.‏

1972- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعَنَ بَيْنَ الْعَجْلانِيِّ وَامْرَأَتِهِ، وَكَانَتْ حُبْلَى، فَقَالَ زَوْجُهَا‏:‏ وَاللهِ مَا قَرَبْتُهَا مُنْذُ عَفَّرْنَا النَّخْلَ وَالْعَفْرُ أَنْ يُسْقَى النَّخْلُ بَعْدَ أَنْ يُتْرَكَ مِنَ السَّقْيِ بَعْدَ الإِتْيَانِ بِشَهْرَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ اللهُمَّ بَيِّنْ ‏"‏، فَزَعَمُوا أَنَّ زَوْجَ الْمَرْأَةِ كَانَ حَمْشَ الذِّرَاعَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ، أَصْهَبَ الشَّعْرِ، وَكَانَ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ ابْنَ السَّحْمَاءِ قَالَ‏:‏ فَجَاءَتْ بِغُلامٍ أَسْوَدَ أَجْلَى، جَعْدٍ قَطِطٍ، عَبْلِ الذِّرَاعَيْنِ، خَدْلِ السَّاقَيْنِ قَالَ الْقَاسِمُ‏:‏ فَقَالَ ابْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ‏:‏ يَا أَبَا عَبَّاسٍ، هِيَ الْمَرْأَةُ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُهَا ‏"‏ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ لا، وَلَكِنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةُ كَانَتْ قَدْ أَعْلَنَتْ فِي الإِسْلامِ‏.‏

1973- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِهَذَا الْمَعْنَى وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا رُوِّينَاهُ كَما‏:‏

1974- حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ ذُكِرَ التَّلاعُنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلا، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو إِلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلا، فَقَالَ عَاصِمٌ‏:‏ مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا إِلا بِقَوْلِي فَذَهَبَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا، قَلِيلَ اللَّحْمِ، سَبْطَ الشَّعْرِ، وَكَانَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَهُ مَعَ أَهْلِهِ آدَمَ، كَثِيرَ اللَّحْمِ، خَدْلا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ اللهُمَّ بَيِّنْ ‏"‏، فَوَضَعَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَهَا، فَلاعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ رَجُلٌ لابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَجْلِسِ‏:‏ هِيَ الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُ هَذِهِ‏؟‏ ‏"‏ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ لا، تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الإِسْلامِ السُّوءَ‏.‏

1975- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكَثِيرِيُّ الْمَدَنِيُّ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ الْكِنْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ الْقَاسِمِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ذُكِرَ الْمُتَلاعِنَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَزِيدَ حَرْفًا حَرْفًا، فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ اللَّيْثِ وَلا سُلَيْمَانَ اخْتِلافٌ إِلا قَوْلَ اللَّيْثِ‏:‏ ذُكِرَ التَّلاعُنُ، وَقَوْلَ سُلَيْمَانَ‏:‏ ذُكِرَ الْمُتَلاعِنَانِ وَالَّذِي قَالَ سُلَيْمَانُ عَنْدَنَا أَصَحُّ، لأَنَّ آيَةَ اللِّعَانِ إِنَّمَا أُنْزِلَتْ بَعْدَ هَذِهِ الْقِصَّةِ، قَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ فَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ، وَسُلَيْمَانَ، أَنَّ اللِّعَانَ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ ذَيْنِكَ الزَّوْجَيْنِ، كَانَ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ، وَلَيْسَ هَذَا الْحَرْفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ، وَلا فِيمَا سِوَاهَا مِنْهَا مِمَّا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ وَإِذَا كَانَ اللِّعَانُ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ، لَمْ يَخْلُ ذَلِكَ اللِّعَانُ مِنْ أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ، أَحَدُهُمَا‏:‏ أَنْ يَكُونَ اللِّعَانُ كَانَ بِالْقَذْفِ خَاصَّةً، فَهَذَا مَا لا اخْتِلافَ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالآخَرُ‏:‏ أَنْ يَكُونَ بِالْحَمْلِ بَعْدَمَا بَانَتْ حَقِيقَتُهُ، وَوَقَفَ عَلَيْهَا مِنْهُ بِوَضْعِ الْمَرْأَةِ إِيَّاهُ، فَهَذَا مِمَّا لا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ قَالَ أَنَّهُ يُلاعَنُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ وَضْعِ الْحَمْلِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما‏:‏

1976- قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي‏:‏ ابْنَ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ هِلالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ انْظُرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَبْيَضَ سَبْطًا قَصى الْعَيْنَيْنِ فَهُوَ لِهِلالِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ ‏"‏

قَالَ‏:‏ فَجَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ جَعْدًا أَحْمَشَ السَّاقَيْنِ‏.‏

1977- حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ مَخْلَدِ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ هِلالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ شَرِيكَ بْنَ سَحْمَاءَ بِامْرَأَتِهِ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ ائْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ، وَإِلا فَحَدٌّ فِي ظَهْرِكَ ‏"‏ قَالَ‏:‏ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ أَنِّي لَصَادِقٌ، يَقُولُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَلَيُنْزِلَنَّ اللهُ عَلَيْكَ مَا يُبَرِّئُ بِهِ ظَهْرِي مِنَ الْجَلْدِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ‏}‏ قَالَ‏:‏ فَدُعِيَ هِلالٌ فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ، وَالْخَامِسَةَ أَنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ قَالَ‏:‏ ثُمَّ دُعِيَتِ الْمَرْأَةُ فَشَهِدَتْ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْخَامِسَةِ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ قِفُوهَا، فَإِنَّهَا مُوجِبَةٌ لِلْعَذَابِ ‏"‏ قَالَ‏:‏ فَتَلَكَّأَتْ حَتَّى مَا شَكَكْنَا أَنْ سَتُقِرَّ، ثُمَّ قَالَتْ‏:‏ لا أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ الْيَوْمِ، فَمَضَتْ عَلَى الْيَمِينِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ انْظُرُوا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَبْيَضَ سَبِطًا قَصى الْعَيْنَيْنِ فَهُوَ لِهِلالِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ ‏"‏ قَالَ‏:‏ فَجَاءَتْ بِهِ آدَمَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ لَوْلا مَا سَبَقَ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ ‏"‏ قَالَ‏:‏ الْقَصى الْعَيْنَيْنِ‏:‏ طَوِيلُ شِقِّ الْعَيْنَيْنِ، لَيْسَ بِمَفْتُوحِ الْعَيْنَيْنِ وَقَدْ رَوَى سَهْلُ بنُ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما‏:‏

1978- قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلٍ، أَنَّ عُوَيْمِرًا جَاءَ إِلَى عَاصِمٍ، فَقَالَ‏:‏ أَرَأَيْتَ رَجُلا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلا فَقَتَلَهُ، أَتَقْتُلُونَهُ بِهِ‏؟‏ سَلْ يَا عَاصِمُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ عَاصِمٌ فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْأَلَةَ وَعَابَهَا، فَقَالَ عُوَيْمِرٌ‏:‏ وَاللهِ لآتِيَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ خِلافَ قَوْلِ عَاصِمٍ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ قَدْ أَنْزَلَ فِيكُمْ قُرْآنًا ‏"‏، فَدَعَاهُمَا، فَتَقَدَّمَا، فَتَلاعَنَا، ثُمَّ قَالَ‏:‏ كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا فَفَارَقَهَا وَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفِرَاقِهَا، فَجَرَتْ سُنَّةً فِي الْمُتَلاعِنَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ انْظُرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا مِثْلَ وَحَرَةٍ فَلا أَرَاهُ إِلا وَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ أَغْبَرَ ذَا أَلْيَتَيْنِ فَلا أَحْسَبُهُ إِلا قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا ‏"‏ فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى الأَمْرِ الْمَكْرُوهِ‏.‏

1979- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَزْدِيُّ الْجِيزِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلٍ، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الرَّبِيعِ الْمُرَادِيِّ عَنْ خَالِدٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَلا أَرَاهُ إِلا وَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا، وَلا أَرَاهُ إِلا وَقَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا ‏"‏، فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَهَذَا خِلافُ مَا فِي غَيْرِهِ، وَهَذَا عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَوْلَى بِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ مِنْ سُنَّتِهِ أَلا يُنْتَفَى الْوَلَدُ بِبُعْدِ شَبَهِهِ مِمَّنْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ كَما‏:‏

1980- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَمَالِكٌ، وَسُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ‏:‏ إِنَّ امْرَأَتِي قَدْ وَلَدَتْ غُلامًا أَسْوَدَ، وَإِنِّي أَنْكَرْتُهُ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ‏؟‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ قَالَ‏:‏ مَا أَلْوَانُهَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ حُمْرٌ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ‏؟‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏ إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَأَنَّى تَرَى ذَلِكَ جَاءَهَا‏؟‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ عِرْقٌ نَزَعَهَا قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَلَعَلَّ هَذَا عِرْقٌ نَزَعَهُ ‏"‏‏.‏

1981- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ سَوَاءً أَفَلا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي نَفْيِهِ عَنْهُ لِبُعْدِ شَبَهِهِ بِهِ، وَضَرَبَ لَهُ الْمَثَلَ الَّذِي ضَرَبَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَاسْتَحَالَ بِذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ الَّذِي وَلَدَتِ امْرَأَةُ هِلالٍ يَكُونُ لِهِلالٍ لِشَبَهِهِ بِهِ أَوْ لِشَرِيكٍ لِشَبَهِهِ بِهِ وَلَمَّا عَقَلْنَا أَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ ‏"‏، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَهُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، لَيْسَ عَلَى أَنَّهُ نَسَبٌ مِنْهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ بِذِي فِرَاشٍ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي وَلَدَتْهُ، دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، وَمَا قَالَهُ لِهِلالٍ مِنْ إِضَافَتِهِ الْوَلَدَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالشَّبَهِ بِهِ، لَمْ يَكُنْ عَلَى تَحْقِيقِ إِثْبَاتِ نَسَبٍ، وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ سَهْلٌ فِي حَدِيثِهِ هَذَا وَلَمَّا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي اللِّعَانِ بِالْحَمْلِ قَبْلَ وَضْعِ أُمِّهِ إِيَّاهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَلَمْ نَجِدْ فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ الْمَرْوِيَّةِ فِي اللِّعَانِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا يَقُولُ أَحَدُهُمْ، الْتَمَسْنَا حُكْمَ ذَلِكَ منْ طَرِيقِ النَّظَرِ وَالاسْتِشْهَادِ بِالأُصُولِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا مَا يَظْهَرُ مِنَ الْمَرْأَةِ، مِمَّا يَسَعُ مَنْ وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ مِنْهَا أَنْ يُطْلِقَ الْقَوْلَ عَلَيْهَا أَنَّهَا حَامِلٌ، وَمَا يَسَعُهَا بِهِ إِطْلاقُ ذَلِكَ الْقَوْلِ عَلَى نَفْسِهَا، قَدْ يُوقَفُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الَّذِي يُرَى بِهَا، وَأُطْلِقَ بِهِ عَلَيْهَا ذِكْرُ الْحَمْلِ، قَدْ يُنْفَسُ فَلا يَكُونُ حَمْلا فِي الْحَقِيقَةِ وَكَانَ أَوْلَى الأَشْيَاءِ مَا فِي هَذَا أَلا يُوجِبَ بِهِ لِعَانًا نُحَرِّمُ بِهِ فَرْجًا عَلَى زَوْجٍ قَدْ كَانَ حَلالا، وَنُحِلُّ بِهِ فَرْجًا لِغَيْرِهِ مِمَّنْ قَدْ كَانَ عَلَيْهِ حَرَامًا غَيْرَ أَنَّ الَّذِينَ يَذْهَبُونَ إِلَى اللِّعَانِ بِالْحَمْلِ، ذَكَرُوا أَنَّهُمْ قَدْ وَجَدُوا مَا يُوجِبُ مَا قَالُوا فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا مَا ذَكَرُوا أَنَّهُمْ وَجَدُوهُ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمُطَلَّقَاتِ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ‏}‏ وَأَمَّا مَا ذَكَرُوا أَنَّهُمْ وَجَدُوهُ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَما‏:‏

1982- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ جَوْشَنٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ السَّدُوسِيُّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ‏:‏ ‏"‏ أَلا إِنَّ قَتِيلَ خَطَإِ الْعَمْدِ، بِالسَّوْطِ وَالْعَصَى وَالْحَجَرِ، دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ، مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلادُهَا ‏"‏‏.‏

1983- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَارِمٌ، وَمُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالُوا‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُقْبَةَ، أَوْ يَعْقُوبَ السَّدُوسِيِّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ خَطَبَ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، مَا كَانَ مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ مَأْثَرَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهِيَ تَحْتَ قَدَمِي هَذِهِ إِلا مَا كَانَ مِنْ سِقَايَةِ الْحَاجِّ وَسِدَانَةِ الْبَيْتِ أَلا إِنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ، مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَى، مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ، أَرْبَعُونَ مِنْهَا فِي بُطُونِهَا أَوْلادُهَا ‏"‏ غَيْرَ أَنَّ مُسَدَّدًا وَالْحَمَائِيَّ لَمْ يَشُكَّا، وَقَالا فِي حَدِيثِهِمَا‏:‏ عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

1984- حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جُدْعَانَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى دَرَجَةِ الْكَعْبَةِ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، أَلا إِنَّ قَتِيلَ الْعَمْدِ الْخَطَإِ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَى فَفِيهِ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ مُغَلَّظَةٌ مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلادُهَا أَلا إِنَّ كُلَّ مَأْثَرَةٍ وَدَمٍ وَمَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ تَحْتَ قَدَمِيَّ هَاتَيْنِ إِلا مَا كَانَ مِنْ سِقَايَةِ الْحَاجٍّ وَسِدَانَةِ الْبَيْتِ فَإِنِّي أُمْضِيهُمَا لأَهْلِهِمَا كَمَا كَانَتَا ‏"‏ فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَى أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ لأَهْلِ الْقَوْلِ الآخَرِ، أَنَّ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ‏}‏، إِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدَ الَّذِينَ لا يُلاعِنُونَ بِالْحَمْلِ عَلَى نِهَايَةِ النَّفَقَةِ عَلَى الْمُطَلَّقَاتِ، وَعَلَى خُرُوجِهِنَّ مِنَ الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ يُنْفَقُ عَلَيْهِنَّ مِنْ أَجْلِهِ، وَهِيَ الْعِدَّةُ الَّتِي انْقِضَاؤُهَا وَضْعُ الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الآيَةِ أَلا تَرَى أَنَّهُمْ يَقُولُونَ‏:‏ إِنَّ الْمُطَلَّقَةَ الَّتِي قَدْ أَتَى عَلَيْهَا مِنَ السِّنِّ مَا قَدْ أَحَاطَ الْعِلْمُ مَعَهُ أَنَّهَا لا تَحْمِلُ، أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ عَلَى زَوْجِهَا الْمُطَلِّقِ لَهَا حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ عِدَّتِهَا، وَأَنَّ النَّفَقَةَ عِنْدَهُمْ إِنَّمَا هِيَ لاعْتِدَادِهَا مِنْ زَوْجِهَا، لا بِحَمْلٍ بِهَا مِنْهُ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْتَبِرُونَ ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولُوا‏:‏ النَّفَقَةُ إِنْ كَانَتْ عَلَى الْحَامِلِ مِنْ أَجْلِ الْحَمْلِ، لأَنَّهَا تُوَصِّلُ الْغِذَاءَ إِلَيْهِ، فَتَجِبُ عَلَى أَبِيهِ، كَمَا تَجِبُ لَهُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ مِنْ أُمِّهِ بِالأَسْبَابِ الَّتِي يُغَذَّى بِهَا، مِنْهَا الرَّضَاعُ إِذَا كَانَ غِذَاؤُهُ الرَّضَاعُ، وَمِنْهَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يُغَذَّى بِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ حُكْمِ الرَّضَاعِ لَكَانَ يُعْتَبَرُ، وَمِنَ الْحَمْلِ إِلَى ذَلِكَ وَعَنَاؤُهُ عَنْهُ كَمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي الْمَوْلُودِ أَلا تَرَى أَنَّ مَوْلُودًا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَدْ وَرِثَهُ مِنْ أَخٍ لأُمِّهِ تُوُفِّيَ، أَنَّهُ لا يَجِبُ عَلَى أَبِيهِ الإِنْفَاقُ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، وَلا يَعْلَمُ بِوُجُوبِ ذَلِكَ الْمَالِ لَهُ مِنَ الْجِهَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا، ثُمَّ عَلِمَ بِهِ، أَنَّ الْقَاضِيَ يُعِيدُهُ فِي الْمَالِ الَّذِي وَجَبَ لأَبِيهِ بِمَا أَنْفَقَهُ بِأَمْرِهِ، وَأَنَّ الْحَمْلَ الَّذِي ذَكَرْنَا، ثُمَّ عُلِمَ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِالنَّفَقَةِ عَلَى أَبِيهِ لأُمِّهِ الْمُطَلَّقَةِ الْمُعْتَدَّةِ وُجُوبُ الْمَالِ لَهُ مِنَ الْجِهَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا، أَنَّهُ لا يُقْضَى لأَبِيهِ بِالرُّجُوعِ فِيمَا كَانَ وَجَبَ الْحَمْلُ مِنْ ذَلِكَ فَعَقَلُوا بِذَلِكَ أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ إِنَّمَا هِيَ نَفَقَةٌ لِذَاتِهَا، حَامِلا كَانَتْ أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ، وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ‏}‏، إِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى إِعْلامِهِمُ السَّبَبَ الَّذِي بِهِ تَنْقَطِعُ النَّفَقَةُ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ لِلزَّوْجَاتِ الْمُطَلَّقَاتِ، وَذَلِكَ مَا يَعْلَمُونَهُ عِلْمَ حَقِيقَةٍ، لأَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا وَضَعَتْ عُلِمَ بَعْدَ وَضْعِهَا أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ حَامِلا، فَأَتَى دَلالَةً فِي هَذَا لِمَنْ لاعَنَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا الْقَاذِفِ لَهَا بِالْحَمْلِ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ فَهَذِهِ حُجَّةٌ فِي دَفْعِ مَا احْتَجَّ بِهِ عَلَيْهِمْ مُخَالِفُهُمْ، وَيَعُودُونَ أَيْضًا سَائِلِينَ لِمُخَالِفِيهِمْ عَنِ امْرَأَةٍ قَالَ لَهَا رَجُلٌ لا نِكَاحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا‏:‏ أَنْتِ حَامِلٌ بِوَلَدٍ مِنْ غَيْرِ زَوْجِكِ فُلانٍ، هَلْ لَهَا عَلَيْهِ حَدٌّ لِقَذْفِهِ إِيَّاهَا‏؟‏ أَوْ هَلْ لِحَمْلِهَا عَلَيْهِ حَدٌّ لِنَفْيِهِ نَسَبَهُ عَنْ أَبِيهِ كَمَا يَكُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ لَوْ نَفَى نَسَبَهُ عَنْ أَبِيهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ مِنْ أُمِّهِ‏؟‏ فَإِنْ قَالُوا‏:‏ لا حَدَّ، وَفَرَّقُوا بَيْنَ نَفْيِهِ إِيَّاهُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ عَنْ أُمِّهِ، وَبَيْنَ نَفْيِهِ مِنْ أَبِيهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ، إِذْ كَانَتْ أُمُّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يُتَبَيَّنَ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ، فَيَكُونُ نَفْيُهُ لِحَمْلِهَا الَّذِي ذَكَرَ أَنَّهُ بِهَا كَلا نَفْيَ، لَزَمَهُمْ أَنْ يَقُولُوا كَذَلِكَ فِي نَفْيِ الزَّوْجِ الْحَمْلَ الَّذِي ذَكَرَ أَنَّ امْرَأَتَهُ حَامِلٌ بِهِ، وَأَلا يَجْعَلُوا فِي ذَلِكَ لِعَانًا كَمَا لا يَجْعَلُونَ عَلَى الْقَرِيبِ الأَجْنَبِيِّ فِيهِ حَدًّا فَإِنْ قَالُوا‏:‏ يُقِيمُ فِي ذَلِكَ الْحَدَّ لِلْمَرْأَةِ الْمَقْذُوفَةِ عَلَى الْقَاذِفِ لَهَا النَّافِي لِحَمْلِهَا مِنْ زَوْجِهَا، لأَنَّهُ فِي نَفْيِهِ حَمْلَهَا قَاذِفٌ لَهَا فِي نَفْسِهَا، وَلا يُحَدُّ نَافِي حَمْلِهَا فِي نَفْيِ الْحَمْلِ، لَزِمَهُمْ أَنْ يَقُولُوا فِي الزَّوْجَةِ إِذَا نَفَى زَوْجُهَا الَّذِي ذُكِرَ أَنَّهُ نَفَى عَنْ نَفْسِهِ كَذَلِكَ، وَأَنْ يُلاعِنَهَا بِقَذْفِهِ إِيَّاهَا، وَأَلا لِعَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي نَفْيِهِ حَمْلَهَا عَنْ نَفْسِهِ وَأَمَّا الْحُجَّةُ لَهُمْ عَلَيْهِمْ فِيمَا ذَكَرُوا أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلادُهَا، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَّلَمَ أَوْجَبَ ذَلِكَ عَلَى عَوَاقِلِ الْقَاتِلِينَ، إِذْ كَانَ الْعَوَاقِلُ يَصِلُونَ إِلَى ذَلِكَ وَلِسَعَةِ إِطْلاقِ الْقَوْلِ عَلَى مَا ظَاهِرُهُ الْحَمْلُ، أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لا حَقِيقَةَ عِنْدَهُمْ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ فِي الْمُسْتَأْنَفِ أَنْ يُظْهِرَ لَهُمْ مِنَ انْتِفَاءِ الْحَمْلِ عَمَّنْ كَانَ ظَاهِرُهُ عِنْدَهُمُ الْحَمْلُ وَعَدَمُ الْحَمْلِ مِنْهُ فِي وَقْتِهِ ذَلِكَ، لأَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ‏:‏ أَمَتِي هَذِهِ حَامِلٌ، وَيَسَعُهُ أَنْ يَبِيعَهَا عَلَى أَنَّهَا كَذَلِكَ لِيَبْرَأَ مِنْ عَيْبِهَا بِحَمْلِهَا، وَلا يَكُونُ آثِمًا فِي إِطْلاقِ الْقَوْلِ أَنَّهَا حَامِلٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي الْحَقِيقَةِ بِخِلافِ ذَلِكَ، لأَنَّ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ إِنَّمَا يَعْتَدُّ الْخَلْقُ فِيهِ بِظَاهِرِهِ، لا بِمَا سِوَاهُ، أَلا تَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، وَتَبَيَّنَ لَهَا مِنْ نَفْسِهَا مَا يَدُلُّهَا أَنَّ بِهَا حَمْلا مِنْهُ، أَنَّ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِالإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، وَأَنَّهَا إِنْ رَأَتِ الدَّمَ فِي أَوْقَاتِ أَقْرَائِهَا الَّتِي كَانَتْ تَرَى فِيهَا الدَّمَ، أَلا يُلْتَفَتَ إِلَى ذَلِكَ، وَأَلا يُجْعَلَ حُكْمُ ذَلِكَ الدَّمِ حُكْمَ دَمِ الْحَيْضِ، وَأَلا تَتْرُكَ لَهُ الصَّلاةَ وَالصِّيَامَ فِي قَوْلِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْحَامِلَ لا تَحِيضُ، وَأَنَّهَا لَوْ عَلِمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ لا حَمْلَ بِهَا لَرَجَعَتْ فِي نَفْسِهَا إِلَى الاعْتِدَادِ بِالدِّمَاءِ الَّتِي كَانَتْ دَأَبَهَا فِي أَيَّامِ أَقْرَائِهَا، وَإِلَى رَدِّ مَا قَبَضَتْهُ مِنْ زَوْجِهَا الْمُطَلِّقِ لَهَا مِنَ النَّفَقَةِ مِمَّا لَمْ يَكُنْ يُوجِبُهُ لَهَا عَلَيْهِ الاعْتِدَادُ بِالأَقْرَاءِ، وَإِلَى قَضَاءِ مَا صَامَتْهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِنْ كَانَ مَرَّ عَلَيْهَا فِي أَيَّامِ أَقْرَائِهَا فَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الأَشْيَاءُ يُسْتَعْمَلُ فِيهَا حُكْمُ الظَّاهِرِ، وَإِنْ كَانَ الأَمْرُ فِي الْحَقِيقَةِ بِخِلافِ ذَلِكَ، كَانَ مَا أَوْجَبَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْعَوَاقِلِ مِنَ الإِبِلِ الْحَوَامِلِ، هُوَ مَا يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى أَقْوَالِ الْعَوَاقِلِ فَإِذَا أَحْضَرُوا الإِبَلَ فَقَالُوا‏:‏ هَذِهِ خَلِفَاتٌ، وَلَمْ نَعْلَمْ مِنْهَا خِلافَ ذَلِكَ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُمْ، وَلَمْ يُكَلَّفُوا خِلافَ ذَلِكَ وَمِثْلُ هَذَا مَا يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ فِي مُعَامَلاتِهِمْ، وَمَا يَشْتَرِطُونَهُ فِي بِيَاعَاتِهِمْ أَلا تَرَى أَنَّ رَجُلا لَوْ بَاعَ رَجُلا هَذَا الْعَبْدَ عَلَى أَنَّهُ صِقِلِّيٌّ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ رُومِيٌّ، ثُمَّ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مِنْ خِلافِ الْجِنْسِ الَّذِي اشْتَرَطَهُ الْبَائِعُ أَنْ ذَلِكَ غَيْرُ مَقْبُولٍ مِنْهُ، وَأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ، إِذْ كَانَ لَمْ يَظْهَرْ فِي الْعَبْدِ خِلافُ مَا قَالَ، وَأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ الْمُشْتَرَطِ لَكَانَ لِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ أَوْ إِمْضَاؤُهُ بِلا شَرْطٍ وَكَذَلِكَ الْخَلِفَاتُ الْمَرْجُوعُ فِيهَا إِلَى أَقْوَالِ الْعَوَاقِلِ إِذَا ادَّعَى أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِينَ أَنَّهَا غَيْرُ خَلِفَاتٍ لَمْ يُقْبَلْ فِي ذَلِكَ دَعْوَاهُمْ، إِذْ كَانَ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُنَّ غَيْرُ مَا قَالَتِ الْعَوَاقِلُ، وَأَنَّهُ لَوْ عُلِمَ مِنْهُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُنَّ غَيْرُ خَلِفَاتٍ كَانَ لأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِينَ رَدُّهُنَّ عَلَى الْعَوَاقِلِ وَمُطَالَبَتُهُمْ بِخَلِفَاتٍ مَكَانَهُنَّ وَهَذَا خِلافُ اللِّعَانِ الَّذِي لَوْ أُمْضِيَ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ، ثُمَّ عُلِمَ أَنَّ لا حَمْلَ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا، وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ وَضَعَتْهُ أُمُّهُ قَبْلَ قَذْفِ زَوْجِهَا إِيَّاهَا، ثُمَّ قَذَفَهَا بِهِ وَنَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يُلاعن بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ عَلَيْهِ، وَيَنْتَفِي بِذَلِكَ اللِّعَانُ عَنْ زَوْجِهَا، وَيَلْحَقُ بِأُمِّهِ، وَيَكُونُ كَمَنْ لا أَبَ لَهُ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا، لا نَعْلَمُ اخْتِلافًا مِنْ لَدُنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا غَيْرَ شَاذٍّ شَذَّ فِي ذَلِكَ، فَخَرَجَ غَيْرُ هَذَا الْقَوْلِ، وَزَعَمَ أَنَّ الْوَلَدَ لا يَنْتَفِي مِنْ أَبِيهِ بِاللِّعَانِ، وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرَ بِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ ‏"‏، وَزَعَمَ أَنَّ اللِّعَانَ فِي هَذَا كَاللِّعَانِ بِالْقَوْلِ خَاصَّةً بِلا وَلَدٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا خِلافُ مَا قَالَ‏.‏

1985- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، ‏"‏ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلاعِنَيْنِ، وَأَلْزَمَ الْوَلَدَ أُمَّهُ ‏"‏‏.‏

1986- حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ كَتَبْتُ إِلَى صَدِيقٍ لِي مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، أَنْ يَسْأَلَ لِي عَنْ وَلَدِ الْمُتَلاعِنَيْنِ، لِمَنْ قَضَى بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏ فَكَتَبَ إِلَيَّ‏:‏ أَنِّي قَدْ سَأَلْتُ فَأُخْبِرْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَّلَمَ قَضَى بِهِ لأُمِّهِ ‏"‏‏.‏

1987- حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ‏:‏ خَالَفَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مَعْقِلٍ، وَإِبْرَاهِيمُ فِي وَلَدِ الْمُلاعَنَةِ، فَقُلْتُ ‏"‏ أَلْحَقَهُ بِهِ بَعْدَ أَرْبَعِ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ثُمَّ أَنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، ثُمَّ أَلْحَقَهُ بِهِ فَكَتَبُوا فِي ذَلِكَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَكَتَبُوا أَنَّهُ يَلْحَقُ بِأُمِّهِ فَهَذَا مَا وَجَدْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ فَأَمَّا مَا احْتَج بِهِ هَذَا الْقَائِلُ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ‏"‏ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ منْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَإِنَّمَا كَانَ لِمَعْنًى سِوَاهُ سَنَأْتِي بِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الأَنْسَابَ قَدْ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تُدْعَى بِوُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنَ النِّكَاحَاتِ وَمَا سِوَاهَا كَما‏:‏

1988- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَج، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ، فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ يَخْطِبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ ابْنَتَهُ فَيُزَوِّجُهَا ثُمَّ يُنْكِحُهَا وَنِكَاحٌ آخَرُ كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لامْرَأَتِهِ‏:‏ إِذَا طَهُرْتُ مِنَ طَمْثِهَا أَرْسِلِي إِلَى فُلانٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ، وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا وَلا يَمَسُّهَا أَبَدًا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَحَبَّ وَإِنَّمَا يَصْنَعُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الْوَلَدِ فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ يُسَمَّى نِكَاحُ الاسْتِبْضَاعِ وَنِكَاحٌ آخَرُ يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ دُونَ الْعَشَرَةِ فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ، فَكُلُّهُمْ يُصِيبُهَا، فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ، وَمَرَّ لَيال بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلُهَا أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا، فَتَقُولُ لَهُمْ‏:‏ قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ، وَقَدْ وَلَدْتُ، وَهُوَ وَلَدُكَ يَا فُلانُ، تُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ مِنْهُمْ بِاسْمِهِ، فَيُلْحِقُ بِهِ وَلَدَهَا، لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ وَالنِّكَاحُ الرَّابِعُ يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة فلا تمتنع ممن جاءها، وهن البغايا كن ينصبن على أبوابهن رايات، فمن أرادهن دخل عليهن، فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها جمعوا لها، ودعوا لها القافة، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون، ودعي ابنه، لا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا بَعَثَ اللهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ هَدَمَ نِكَاحَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إِلا نِكَاحَ أَهْلِ الإِسْلامِ الْيَوْمَ فَفِي هَذَا النَّسَبِ قَدْ كَانَتْ تَرِدُ إِلَى غَيْرِ الْفَرْشِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ‏"‏ أَيْ أَنَّهُ لا يُرَدُّ إِلَى شَبَهٍ، وَلا إِلَى إِصَابَةٍ لا عَنْ فِرَاشٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي نِكَاحِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ بِزِيَادَةٍ عَلَى هَذِهِ الْمَعَانَيِ كَما‏:‏

1989- حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ أَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى شَيْخٍ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا، فَذَهَبْتُ مَعَ الشَّيْخِ إِلَى عُمَرَ وَهُوَ فِي الْحِجْرِ، فَسَأَلَهُ عَنْ وِلادٍ مِنْ وِلادِ الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ‏:‏ فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا نَكَحَتْ بِغَيْرِ عِدَّةٍ، فَقَالَ الرَّجُلُ‏:‏ أَمَّا النُّطْفَةُ فَمِنْ فُلانٍ، وَأَمَّا الْوَلَدُ فَهُوَ عَلَى فِرَاشِ فُلانٍ ‏"‏ أَفَلا تَرَى أَنَّ الزُّهْرِيَّ لَمَّا سَأَلَهُ عُمَرُ، قَالَ لَهُ‏:‏ أَمَّا النُّطْفَةُ فَمِنْ فُلانٍ، أَيْ عَلَى مَا كَانُوا يَسْتَعْمِلُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْحُكْمِ لِلنُّطَفِ، وَأَمَّا الْوَلَدُ فَعَلَى فِرَاشِ فُلانٍ، فَصَدَّقَهُ عُمَرُ عَلَى مَا قَالَ، وَرَدَّ الْحُكْمَ فِيهِ إِلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَرُدُّ دَعْوَى النَّاسِ فِي الإِسْلامِ لَمَّا كَانَ مَوْلُودًا مِنْ نُطَفِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى الْحُكْمِ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَما‏:‏

1990- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، أَنَّ عُمَرَ ‏"‏ كَانَ يُلِيطُ أَوْلادَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنِ ادَّعَاهُمْ فِي الإِسْلامِ ‏"‏‏.‏

1991- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ أَفَلا تَرَى أَنَّ عُمَرَ لَمَّا كَانَتِ الْوِلادَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، رَدَّ حُكْمَ دَعْوَاهَا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَدَّلَ ذَلِكَ أَنَّ مَا خَاطَبَ بِهِ الزُّهْرِيَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ الَّذِي ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا، إِنَّمَا كَانَ فِي مَوْلُودٍ فِي الإِسْلامِ، فَرَدَّهُ إِلَى حُكْمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏"‏ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ‏"‏ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي دَعْوَى بَعْضِ الْمَوْلُودِينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ما‏:‏

1992- حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ أَتَى رَجُلانِ إِلَى عُمَرَ يَخْتَصِمَانِ فِي غُلامٍ مِنْ وِلادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ، يَقُولُ هَذَا‏:‏ هُوَ ابْنِي، وَيَقُولُ هَذَا‏:‏ هُوَ ابْنِي فَدَعَا عُمَرُ قَائِفًا مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْغُلامِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْمُصْطَلَقِيُّ، ثُمَّ نَظَرَ، ثُمَّ قَالَ لِعُمَرَ‏:‏ وَالَّذِي أَكْرَمَكَ إِنِّي لأَجِدُهُمَا قَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ جَمِيعًا، فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ، فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ حَتَّى أُضْجِعَ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ وَاللهِ لَقَدْ ذَهَبَ بِكَ النَّظَرُ إِلَى غَيْرِ مَضْرِبٍ ثُمَّ دَعَا أُمَّ الْغُلامِ فَسَأَلَهَا، فَقَالَتْ‏:‏ إِنَّ هَذَا لأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ، قَدْ كَانَ غَلَبَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى وَلَدْتُ لَهُ أَوْلادًا، فَحَبَسَنِي حَتَّى يَسْتَبِينَ حَمْلِي، ثُمَّ يَدَعُنِي عَلَى ذَلِكَ، فَوَلَدْتُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْلادًا، ثُمَّ وَقَعَ بِي عَلَى نَحْوٍ مِمَّا كَانَ يَفْعَلُ فَحَمَلْتُ فِيمَا أَرَى، فَأَصَابَتْنِي هِرَاقَةٌ مِنْ دَمٍ حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنْ لا شَيْءَ فِي بَطْنِي قَالَتْ‏:‏ ثُمَّ إِنَّ الآخَرَ وَقَعَ بِي، فَوَاللهِ مَا أَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ‏؟‏ فَقَالَ عُمَرُ لِلْغُلامِ‏:‏ اتْبَعْ أَيَّهُمَا شِئْتَ فَاتَّبَعَ أَحَدَهُمَا، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ‏:‏ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مُتَّبِعًا لأَحَدِهِمَا، فَذَهَبَ بِهِ وَقَالَ عُمَرُ‏:‏ قَاتَلَ اللهُ أَخَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ ‏"‏ هَكَذَا قَالَ بَحْرٌ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ‏:‏ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ‏:‏ وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مُتَّبِعًا لأَحِدِهَما قَدْ ذَهَبَ بِهِ أَفَلا تَرَى أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِلْغُلامِ‏:‏ ‏"‏ اتَّبِعْ أَيَّهُمَا شِئْتَ ‏"‏ وَقَدْ أَحَاطَ الْعِلْمَ أَنَّ فِيهِمَا مَنْ لَمْ يَكُنْ زَوْجًا لأُمِّهِ، وَقَدْ جَعَلَ لَهُ اللِّحَاقَ بِهِ، لأَنَّ وِلادَتَهُ كَانَتْ جَاهِلِيَّةً، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الأَنْسَابَ قَدْ كَانَتْ تَكُونُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِالنُّطَفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا نِكَاحٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ زِيَادَةٌ عَلَى هَذَا‏.‏

1993- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الضُّبَعِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى فِي رَجُلٍ ادَّعَاهُ رَجُلانِ، كِلاهُمَا يَزْعُمُ أَنَّهُ ابْنُهُ، وَذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَدَعَا عُمَرُ أُمَّ الْغُلامِ الْمُدَّعَى، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ أُذَكِّرُكِ بِالَّذِي هَدَاكِ لِلإِسْلامِ، لأَيِّهِمَا هُوَ‏؟‏ ‏"‏ فَقَالَتْ‏:‏ لا وَالَّذِي هَدَانِي لِلإِسْلامِ، مَا أَدْرِي لأَيِّهِمَا هُوَ‏؟‏ أَتَانِي هَذَا أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَأَتَانِي هَذَا آخِرَ اللَّيْلِ، فَلا أَدْرِي لأَيِّهِمَا هُوَ فَدَعَا عُمَرُ بِقَافَةٍ أَرْبَعَةٍ، وَدَعَا بِبَطْحَاءَ، فَنَثَرَهَا، فَأَمَرَ الرَّجُلَيْنِ الْمُدَّعِيَيْنِ فَوَطِئَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدَمٍ، وَأَمَرَ الْمُدَّعَى فَوَطِئَ بِقَدَمٍ، ثُمَّ أَرَاهُ الْقَافَةَ، فَقَالَ‏:‏ انْظُرُوا، فَإِذَا أَتَيْتُمْ فَلا تَكَلَّمُوا حَتَّى أَسْأَلَكُمْ فَنَظَرَ الْقَافَةُ، فَقَالُوا‏:‏ قَدْ أَثْبَتْنَا ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ سَأَلَهُمْ رَجُلا قَالَ‏:‏ فَتَقَاعَدُوا، يَعْنِي تَبَايَعُوا أَرْبَعَتُهُمْ، كُلُّهُمْ يَشْهَدُ أَنَّ هَذَا لَمِنْ هَذَيْنِ فَقَالَ عُمَرُ‏:‏ ‏"‏ يَا عَجَبًا لِمَا يَقُولُ هَؤُلاءِ قَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ الْكَلْبَةَ تُلَقَّحُ بِالْكِلابِ ذَوَاتِ الْعَدَدِ، وَلَمْ أَكُنْ أَشْعُرُ أَنَّ النِّسَاءَ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ قَبْلَ هَذَا، إِنِّي لأَرَى مَا تَرَوْنَ، اذْهَبْ فَهُمَا أَبَوَاكَ ‏"‏ أَفَلا تَرَى أَنَّ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَالَّذِي قَبْلَهُ لَمْ يَسْأَلْ عَنْ نِكَاحٍ، إِذْ كَانَ حُكْمُ الْمُدَّعِيَيْنِ عِنْدَهُ، وَمَا كَانَ مِنْهُمَا إِلَى الْمَرْأَةِ، إِنَّمَا كَانَ عَلَى السَّبَبِ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ سَمِعَ الدَّعْوَى مِنْهُمَا، وَسَأَلَ الْمَرْأَةَ عَمَّا ادَّعَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَكَانَ مِنْ قَوْلِهَا مَا ذَكَرَ، فَسَأَلَ الْقَافَةَ اسْتِثْبَاتًا مِنْهُ، هَلْ يَكُونُ وَلَدٌ مِنْ نُطْفَتَيْنِ فَتَرْتَفِعُ الإِحَالَةُ عَنْ دَعْوَاهُمَا‏؟‏ أَوْ هَلْ ذَلِكَ مُسْتَحِيلٌ‏؟‏ فَكَانَ مِنْ قَوْلِ الْقَافَةِ لَهُ، وَمِنْ جَوَابِهِمْ مَا قَدْ ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، فَرَدَّهُمَا بِذَلِكَ إِلَى تَكَافُؤِ دَعْوَاهُمَا، وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِهِمَا، وَجَعَلَهُ ابْنًا لَهُمَا إِذَا كَانَ مِنْ نُطُفِهِمَا فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْوِلادَاتِ الْجَاهِلِيَّاتِ قَدْ كَانَ حُكْمُ النُّطَفِ مُسْتَعْمَلا فِيهَا، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَدَّ ذَلِكَ إِلَى حُكْمِ الْفِرَاشِ، فَجَعَلَ الْوَلَدَ لاحِقًا بِمَنْ أُمُّهُ لَهُ فِرَاشٌ، لا مَنْ سِوَاهُ، وَإِنْ كَانَ شَبَهُهُ دَلِيلا عَلَى أَنَّهُ مِنْ نُطْفَةِ غَيْرِ صَاحِبِ الْفِرَاشِ وَكَذَلِكَ حَاجَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي دَعْوَاهُ عِنْدَهُ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ الْمَوْلُودَ مِنْ نُطْفَةِ أَخِيهِ بِدَعْوَى أَخِيهِ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ فِرَاشٍ لَهُ كَما‏:‏

1994- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ‏:‏ كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي، فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ، وَقَالَ‏:‏ ابْنُ أَخِي، وَكَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، فَقَالَ‏:‏ أَخِي، وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ فَتَسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ سَعْدٌ‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ، ابْنُ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ‏:‏ أَخِي، وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ‏؟‏ ‏"‏ وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ ‏"‏ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَوْدَةَ ابْنَةِ زَمْعَةَ‏:‏ ‏"‏ احْتَجِبِي مِنْهُ ‏"‏، لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهٍه بِعُتْبَةَ قَالَتْ‏:‏ فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللهَ أَفَلا تَرَى أَنَّ سَعْدًا قَدِ ادَّعَى لِعُتْبَةَ أَخِيهِ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ لأَنَّهُ كَانَ عَهِدَ إِلَيْهِ أَنَّهُ مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ أَخُوهُ ذَا فِرَاشٍ، عَلَى الْحُكْمِ الأَوَّلِ الَّذِي كَانُوا يَسْتَحِقُّونَ بِهِ الأَوْلادَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ‏"‏، تَعْلِيمًا مِنْهُ لِسَعْدٍ أَنَّكَ تَدَّعِي فِي الإِسْلامِ وَلَدًا لِمَنْ يَحْضُرُ فَيَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ، وَمِمَّنْ لَسْتَ بِخَصْمٍ عَنْهُ، وَلا مُطَالِبٍ لَهُ فَأَبْطَلَ بِذَلِكَ دَعْوَاهُ، وَرَدَّهُ إِلَى عَبْدٍ، إِذْ كَانَ ابْنُ أُمِّهِ لأَبِيهِ يَدُهُ عَلَيْهِ، فَجَعَلَ وَلَدَهَا فِي حُكْمِهَا، ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ‏:‏ ‏"‏ احْتَجِبِي مِنْهُ ‏"‏ إِذْ كَانَ شَبِيهًا بِالْمُدَّعَى لَهُ، لأَنَّهُ فِي ظَاهِرِهِ مِنَ النُّطْفَةِ الَّتِي يَدَّعِيهِ سَعْدٌ وَفِي أَمْرِهِ إِيَّاهَا بِذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِي نَسَبِهِ مِنْ زَمْعَةَ بِشَيْءٍ، وَلَوْ كَانَ قَضَى بِنَسَبِهِ مِنْهُ لَكَانَ قَدْ جَعَلَهُ أَخًا لِسَوْدَةَ، وَأَمَرَهَا بِصِلَتِهِ، وَنَهَاهَا عَنْ حِجَابِهِ عَنْهَا، كَمَا نَهَى عَائِشَةَ عن حِجَابِهَا عَمَّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِي نَسَبِهِ بِشَيْءٍ، مَا رَوَاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَما‏:‏

1995- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ‏:‏ كَانَتْ لِزَمْعَةَ جَارِيَةٌ يَطَؤُهَا، وَكَانَتْ تَظُنُّ بِرَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا، فَمَاتَ زَمْعَةُ وَهِيَ حُبْلَى، فَوَلَدَتْ غُلامًا كَانَ يُشْبِهُ الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ يُظَنُّ بِهَا، فَذَكَرَتْهُ سَوْدَةُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ أَمَّا الْمِيرَاثُ لَهُ، وَأَمَّا أَنْتِ فَاحْتَجِبِي مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكِ بِأَخٍ ‏"‏ أَفَلا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَفَى نَسَبَهُ عَنْ أَبِيهَا، إِذْ كَانَ قَدْ نَفَى أَنْ يَكُونَ أَخَاهَا وَقَوْلُهُ‏:‏ ‏"‏ أَمَّا الْمِيرَاثُ لَهُ ‏"‏ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لإِقْرَارِهِمْ بِهِ، أَلا تَرَى أَنَّ عَبْدًا قَالَ‏:‏ ‏"‏ أَخِي، وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي ‏"‏ وَفِيمَا رُوِّينَا دَلِيلٌ عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ‏"‏ مَا هُوَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يُوهِمُهُ مَنْ يَنْفُذُ، فَقَالَ‏:‏ لا يَنْتَفِي الْوَلَدُ بِاللِّعَانِ كَمَا ذَكَرْنَا وَفِي انْتِفَاءِ الْوَلَدِ بِاللِّعَانِ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي رَوَاهَا عَنْهُ ابْنُ عُمَرَ، فَلا يَجِبُ أَنَّ يُعَارِضَ أَحَدٌ سُنَّةً بِأُخْرَى، وَلا يُدْخِلُ مَعْنَى إِحْدَاهِمَا فِي مَعْنَى الأُخْرَى حَتَّى تَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ تَقَعُ عَلَى مَا أَرَادَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا، لا عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ أَنَّ هَذَا الزَّوْجَ الْقَاذِفَ لامْرَأَتِهِ بِالْوَلَدِ الَّذِي ذَكَرْنَا، لَمْ يُلاعِنْهَا حَتَّى طَلَّقَهَا طَلاقًا يَمْلِكُ فِيهِ رَجْعَتَهَا، ثُمَّ ارْتَفَعَا إِلَى الْقَاضِي وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ مِنْ ذَلِكَ الطَّلاقِ، لاعَنَ بَيْنَهُمَا كَمَا يُلاعِنُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الطَّلاقِ، لأَنَّهُمَا زَوْجَانِ بِحَالِهِمَا وَلَوْ لَمْ يَرْتَفِعَا إِلَى الْقَاضِي حَتَّى خَرَجَتْ مِنَ الْعِدَّةِ فَكَانَ الطَّلاقُ الَّذِي طَلَّقَهَا إِيَّاهُ ثَلاثَ تَطْلِيقَاتٍ أَوْ مَا سِوَاهُ مِنَ الطَّلاقِ الَّذِي بَيْنَهُمَا مُدَّةً، لَمْ يُلاعِنِ الْقَاضِي، وَلَمْ نَجِدِ الرَّجُلَ فِي الْقَذْفِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ، لأَنَّ الْقَذْفَ الَّذِي كَانَ مِنْهُ إِنَّمَا كَانَ يُوجِبُ عَلَيْهِ اللِّعَانَ، فَلا يَتَحَوَّلُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ من اللِّعَانِ إِلَى غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ هَذَا الزَّوْجُ الَّذِي ذَكَرْنَا لَمْ يَقْذِفِ امْرَأَتَهُ حَتَّى طَلَّقَهَا طَلاقًا يَمْلِكُ فِيهِ رَجْعَتَهَا، ثُمَّ قَذَفَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَخَاصَمَتْهُ إِلَى الْقَاضِي قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، لاعَنَ بَيْنَهُمَا، لأَنَّهُمَا زَوْجَانِ عَلَى حَالِهِمَا وَلَوْ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلاثًا، ثُمَّ قَذَفَهَا فِي الْعِدَّةِ، أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنَ الْعِدَّةِ، فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ، فَرُوِيَ عَنْهُمَا فِيهِ ما‏:‏

1996- حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالا‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ حَسَّانٍ الأَزْدِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، ‏"‏ فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ قَذَفَهَا فِي الْعِدَّةِ، قَالَ‏:‏ إِنْ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلاثًا جُلِدَ الْحَدَّ، وَأُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ، وَلَمْ يُلاعِنْ، وَإِنْ كَانَ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً لاعَنَهَا ‏"‏ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏"‏ إِنْ طَلَّقَهَا ثَلاثًا ثُمَّ قَذَفَهَا فِي الْعِدَّةِ لاعَنَهَا ‏"‏ قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ‏:‏ وَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ أَعْجَبُ إِلَيْنَا مِمَّا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ‏.‏

1997- حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَ ذَلِكَ‏.‏

1998- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ كُنْتُ أَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، فَآخُذُ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ وَأَدَعُ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ إِلا فِي هَذَا، فَإِنِّي آخُذُ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، وَتَرَكْتُ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاثًا، ثُمَّ قَذَفَهَا فِي الْعِدَّةِ، قَالَ‏:‏ يُلاعِنُهَا وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ‏:‏ إِنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ قَذَفَهَا فِي الْعِدَّةِ لاعَنَهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلاثًا ثُمَّ قَذَفَهَا فِي الْعِدَّةِ جُلِدَ ‏"‏ فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ فَكَانُوا يَذْهَبُونَ فِي هَذَا إِلَى قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَكَانَ يَذْهَبُ فِي الْقَذْفِ بِالْوَلَدِ إِلَى أَنَّهُ يُلاعَنُ بِهِ، وَيَنْتَفِي عَنْهُ، وَيُلْحَقُ بِأُمِّهِ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ ثُبُوتُ الْمَرْأَةِ فِي الْعِدَّةِ وَخُرُوجُهَا مِنْهَا عِنْدَهُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ فَإِنَّمَا قَصَدَ بِجَوَابِهِ إِلَى الْمُطَلَّقَةِ ثَلاثًا الَّتِي لَمْ تَخْرُجْ مِنَ الْعِدَّةِ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيهِ، فَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَوْجَبَ فِي قَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ اللائِي لَيْسَ بِزَوْجَاتٍ لِمَنْ قَذَفَهُنَّ، مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآيَة وَأَوْجَبَ فِي قَذْفِ الزَّوْجَاتِ مَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآيَة فَكَانَ مَا أَوْجَبَ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَذْفِ الْمُحْصَنَةِ غَيْرِ الزَّوْجَةِ لِقَاذِفِهَا، غَيْرَ الَّذِي أَوْجَبَ لِلزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْقَاذِفِ وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاثًا قَدْ زَالَ نِكَاحُهُ عَنْهَا، وَصَارَ غَيْرَ زَوْجٍ لَهَا، فَكَانَ قَذْفُهُ لَهَا إِنَّما هُوَ قَذْفُ الْمُحْصَنَةِ غَيْرِ زَوْجَةٍ لا قَذْفٌ لِزَوْجَةٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْقَذْفِ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي آيَةِ قَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ غَيْرِ الزَّوْجَاتِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ إِنَّ هَذِهِ الْمُطَلَّقَةِ قَدْ كَانَ هَذَا الْقَاذِفُ لَهَا بِهَذَا الْوَلَدِ زَوْجًا لَهَا فَحُكْمُ وَلَدِهَا الَّذِي كَانَ يَلْزَمُهُ لَوْ لَمْ يَنْفِهِ بِحَقِّ النِّكَاحِ الْمُتَقَدَّمِ حُكْمُهُ لَوْ نَفَاهُ قَبْلَ زَوَالِ ذَلِكَ النِّكَاحِ، أَلا تَرَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا جَاءَتْ بِهِ مِنْ وَلَدٍ بَعْدَ زَوَالِ النِّكَاحِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَلْزَمُهُ فِيهَا الْوَلَدُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ النِّكَاحُ قَدْ زَالَ عَنْهَا، فَكَذَلِكَ يَكُونُ لَهُ أَنْ يَنْفِيَ الْوَلَدَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ الَّذِي بِهِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ قَدْ زَالَ قِيلَ لَهُ‏:‏ أَمَّا مَا جَاءَتْ بِهِ مِنْ وَلَدٍ مِنْهُ، حُكْمُهُ حُكْمُ مَا قَبْلَ الطَّلاقِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ، لأَنَّهُ مَحْكُومٌ لَهُ بِحُكْمِ وَلَدٍ كَانَ مِنْ جِمَاعٍ مِنْ هَذَا الْمُطَلِّقِ، مَحْكُومٌ لَهُ أَنَّ ذَلِكَ الطَّلاقَ وَقَعَ وَالْوَلَدُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَفِي ذَلِكَ تَحْقِيقُ نَسَبِهِ مِنْ هَذَا الْمُطَلِّقِ وَأَمَّا إِذَا وَضَعَتْهُ ثُمَّ وَقَعَ الطَّلاقُ عَلَيْهَا مِنْ زَوْجِهَا فَأَبَانَهَا مِنْهُ، وَأَزَالَ نِكَاحَهُ عَنْهَا، ثُمَّ نَفَاهُ وَقَذَفَهَا بِهِ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ قَذْفٌ مُسْتَأْنَفٌ يُوجِبُ مَعْنًى مُسْتَأْنَفًا، وَهُمَا حِينَئِذٍ غَيْرُ زَوْجَيْنِ، فَلَيْسَا مِمَّنْ جَعَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ حُكْمَهُ حُكْمَ اللِّعَانِ، وَهُمَا مِمَّنْ جَعَلَ عَزَّ وَجَلَّ حُكْمَهُمَا حُكْمَ الْجَلْدِ فَهَذَا الْقَوْلُ أَوْلَى عِنْدَنَا مِنَ الآخَرِ وَلَوْ أَنَّ هَذَا الزَّوْجَ الَّذِي ذَكَرْنَا لَمْ يُطَلِّقِ الطَّلاقَ الَّذِي وَصَفْنَا، وَلَكِنَّهُ قَذَفَهَا وَهُمَا زَوْجَانِ عَلَى حَالِهِمَا، ثُمَّ مَاتَتِ الْمَرْأَةُ قَبْلَ أَنْ يَتَلاعَنَا، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ ما‏:‏

1999- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا غِيَاثُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ حُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ‏"‏ فِي الرَّجُلِ يَقْذِفُ امْرَأَتَهُ، ثُمَّ تَمُوتُ الْمَرْأَةُ قَبْلَ أَنْ يَتَلاعَنَا، قَالَ‏:‏ يُوقَفُ، فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ جُلِدَ وَوَرِثَ، وَإِنْ جَاءَ بِالشُّهُودِ وَرِثَ، وَإِنِ الْتَعَنَ لَمْ يَرِثْ ‏"‏ وَهَذَا عِنْدَنَا قِيَاسُ قَوْلِهِ فِيمَا حَكَاهُ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَقِيَاسُ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ لا يُلاعِنُ، وَأَنَّهُ يَرِثُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ‏.‏

وَهَذَا اللِّعَانُ الَّذِي ذَكَرْنَا وُجُوبَهُ مِنَ الزَّوْجَيْنِ، فَهُوَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجَانِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ بَالِغَيْنِ غَيْرَ مَحْدُودَيْنِ وَلا وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي قَذْفٍ، وَبَعْدَ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ تُوطَأُ وَطْئًا يُدْرَأُ بِهِ الْحَدُّ عَنْ قَاذِفِهِمَا فَأَمَّا إِنْ كَانَا عَبْدَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا، أَوْ كَانَا نَصْرَانِيَّيْنِ، أَوْ يَهُودِيَّيْنِ، أَوْ مَجُوسِيَّيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا، فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ‏:‏ لا لِعَانَ بَيْنَهُمَا، وَلا حَدَّ عَلَى الزَّوْجِ فِي قَذْفِهِ زَوْجَتِهِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ إِنَّهُمَا يَتَلاعَنَانِ، وَإِنَّهُمَا فِي ذَلِكَ كَالزَّوْجَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا، فَوَجَدْنَا الزَّوْجَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا أَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ إِذَا قَذَفَ الرَّجُلُ مِنْهُمَا الْمَرْأَةَ يُسْأَلُ أَنْ يَأْتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ يَشْهَدُونَ عَلَى مَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا يُسْأَلُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِمْ لَوْ قَذَفَهَا وَالنِّكَاحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، فَإِنْ جَاءَ بِأَرْبَعَةٍ يَشْهَدُونَ عَلَى ذَلِكَ سَقَطَ بِهِ اللِّعَانُ عَنْهُ كَمَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ لَوْ جَاءَ بِهِمْ بَعْدَ أَنْ قَذَفَهَا وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ، لا نِكَاحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَلَمَّا كَانَ الَّذِي يُسْقِطُ عَنْهُ اللِّعَانَ فِي قَذْفِهِ إِيَّاهَا وَهِيَ زَوْجَةٌ، هُوَ الَّذِي يُسْقِطُ عَنْهُ الْحَدَّ فِي قَذْفِهِ إِيَّاهَا وَهِيَ أَجْنِبِيَّةٌ، عَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي يُوجِبُ اللِّعَانَ فِي قَذْفِهِ وَهِيَ زَوْجَةٌ، هُوَ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ فِي قَذْفِهِ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ، وَكَانَ لَوْ قَذَفَهَا وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ عَلَى غَيْرِ دِينِ الإِسْلامِ أَوْ مَمْلُوكَةٌ لا حَدٍ لَهَا عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ إِذَا قَذَفَهَا وَهِيَ زَوْجَةٌ، كَذَلِكَ لا لِعَانَ لَهَا عَلَيْهِ فَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ قَدْ زَنَتْ أَوْ وُطِئَتْ وَطْئًا يَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْ قَاذِفِهَا لَوْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً، فَإِذَا قَذَفَهَا وَهِيَ زَوْجَةٌ فَهِيَ فِي الْقِيَاسِ مِمَّنْ لا يَجِبُ لَهَا لِعَانٌ، وَيُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ بِالزِّنَى أَوْ بِالْوَطْءِ الَّذِي ذَكَرْنَا، مَا يُدْرَأُ بِهِ الْحَدُّ عَنِ الْقَاذِفِ الْغَرِيبِ الَّذِي لا نِكَاحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقْذُوفَةِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ وَلَوْ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَذَفَهَا زَوْجُهَا كَانَتْ مَحْدُودَةً فِي قَذْفٍ وَهِيَ حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ غَيْرُ مُوطَأَةٍ وَطْئًا يَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْ قَاذِفِهَا الأَجْنَبِيِّ، فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ، فَطَائِفَةٌ تَقُولُ‏:‏ لا لِعَانَ لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا، وَلا حَدَّ عَلَيْهِ، وَلا يَنْتَفِي مِنْهُ وَلَدُهَا إِنْ نَفَاهُ فِي قَذْفِهِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ‏:‏ هُوَ قَوْلُنَا وَطَائِفَةٌ تَقُولُ‏:‏ يُلاعَنُ بَيْنَهُمَا كَمَا يُلاعَنُ لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَحْدُودَةٍ وَمِمَّنْ قَالَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَكَانَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ مِنَ الْكُوفِيِّينَ سِوَى أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَمَنْ تَابَعَهُمْ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ لَوْ قَذَفَهَا غَرِيبٌ حُدَّ لَهَا فِي قَذْفِهِ إِيَّاهَا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَحْدُودَةٍ، فَلَمَّا كَانَ الْحَدُّ غَيْرَ مُبْطِلٍ لَهَا عَلَى الْغَرِيبِ كَانَ غَيْرَ مُبْطِلٍ لِوُجُوبِ اللِّعَانِ لَهَا عَلَى الْقَاذِفِ إِذَا كَانَ زَوْجًا وَكَانَ مِنْ حُجَّةِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ لِقَوْلِهِمْ‏:‏ إِنَّ هَذِهِ الْمَحْدُودَةَ فِي قَذْفٍ لا شَهَادَةَ لَهَا لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا‏}‏، فَلَمَّا كَانَتْ مِمَّنْ لا شَهَادَةَ لَهَا، وَكَانَ اللَّعانُ شَهَادَةً لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللهِ‏}‏، خَرَجَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ مِنْ حُكْمِ اللِّعَانِ، فَلَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ، وَكَانَ قَذْفُ زَوْجِهَا غَيْرَ مُشْبِهٍ قَذْفَ الْغَرِيبِ، إِذْ كَانَ قَذْفُ الزَّوْجِ يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى شَهَادَاتٍ مِنْهُ وَمِنْهَما، وَلا شَهَادَةَ لَهَا، وَلا يُحْتَاجُ فِي قَذْفِ الْغَرِيبِ إِلَى شَهَادَةٍ مِنْهَا وَهَذَا قَوْلٌ صَحِيحٌ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ، قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ تَابَعَهُ وَلَوْ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ لَمْ تَكُنْ مَحْدُودَةً فِي قَذْفٍ كَمَا ذَكَرْنَا، وَلَكِنَّ زَوْجَهَا الْقَاذِفَ لَهَا كَانَ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، وَأَبَا يُوسُفَ، وَمُحَمَّدًا كَانُوا يَقُولُونَ فِي ذَلِكَ‏:‏ يُقَامُ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا حَدُّ الْقَذْفِ، لأَنَّهُ لا يَسْتَطِيعُ لِعَانَهَا، إِذْ كَانَ مَحْدُودًا لا شَهَادَةَ لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا مَحْدُودَيْنِ فِي قَذْفٍ وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى حَالِهَا، كَانَ عَلَى زَوْجِهَا فِي قَذْفِهِ إِيَّاهَا الْحَدُّ، لأَنَّهُ الْمَبْدَأُ بِهِ فِي اللِّعَانِ لَوْ كَانَا مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ فَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُسْتَطِيعٍ اللِّعَانَ لَهَا حُدَّ لَهَا فَإِذَا تَمَّ اللِّعَانُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَفَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، أَوْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِتَمَامِ اللِّعَانِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، وَزُفَرَ، أَوْ تَمَّ اللِّعَانُ مِنَ الزَّوْجِ خَاصَّةً، فَوَقَعَتِ الْفُرْقَةُ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ قَبْلَ الْتِعَانِ الْمَرْأَةِ، فَإِنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ حَرَامٌ عَلَى زَوْجِهَا الْمُلاعِنِ لَهَا فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَكَانَا يَقُولانِ فِي ذَلِكَ‏:‏ قَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ كَمَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ لَوْ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً، فَيَجْعَلانِهَا حَرَامًا عَلَيْهِ بِتَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ، وَيَمْنَعَانِهِ مِنْ تَزْوِيجِهَا مَا كَانَ مُقِيمًا عَلَى قَذْفِهِ إِيَّاهَا، غَيْرَ مُكَذِّبٍ نَفْسَهُ، فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ جَلَدَهُ الْحَاكِمُ لَهَا حَدَّ الْقَاذِفِ، وَأَسْقَطَ بِذَلِكَ شَهَادَتَهُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ خَاطِبًا لَهَا كَسَائِرِ خُطَّابِهَا، هَكَذَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ‏:‏ وَهُوَ قَوْلُنَا قَالَ مُحَمَّدٌ‏:‏ وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَذَفَتْ رَجُلا فَحُدَّتْ كَانَ زَوْجُهَا الْمُلاعِنُ لَهَا خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ، وَحَلَّ لَهُ تَزْوِيجُهَا وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى قَوْلِهِ الأَوَّلِ الَّذِي قَالَهُ لَهَا، لأَنَّهَا قَدْ سَقَطَتْ شَهَادَتُهَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ بِالْحَدِّ الَّذِي أُقِيمَ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ تَقْذِفْ رَجُلا فَيُقَامُ عَلَيْهَا الْحَدُّ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّهَا زَنَتْ فَأُقِيمَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ الزِّنَى، فَإِنَّ لِزَوْجِهَا الْمُلاعِنِ لَهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، لأَنَّهَا لَمَّا صَارَتْ بِالْحَدِّ الَّذِي أُقِيمَ عَلَيْهَا فِي الْقَذْفِ أَوِ الزِّنَى مِمَّنْ لا يَسْتَطِيعُ اللِّعَانَ فِي الْمُسْتَأْنَفِ، وَمِمَّنْ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ حَالَهُ قَبْلَ اللِّعَانِ الأَوَّلِ لَمْ يُلاعَنْ بَيْنَهُمَا، حَلَّ لَهُ تَزْوِيجُهَا‏.‏

وَأَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَكَانَ يَقُولُ‏:‏ الْفُرْقَةُ الْوَاقِعَةُ بَيْنَهُمَا فَسْخٌ بِغَيْرِ طَلاقٍ هَكَذَا رَوَى بِشْرٌ عَنْهُ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ هَذَا الْحَرْفَ أَنَّهُ فَسْخٌ، وَلَكِنَّهُ مَعْنَى مَا حَكَاهُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ وَقَدْ رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُتَلاعِنَيْنِ أَنَّهُمَا لا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا، فَمِنْ ذَلِكَ ما‏:‏

2000- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ لا يَجْتَمِعُ الْمُتَلاعِنَانِ أَبَدًا ‏"‏‏.‏

2001- وَعَنْهُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النُّجُودِ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، مِثْلَهُ‏.‏

2002- وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَمْ أَجِدْ فِي كِتَابِي عَنْ عَاصِمٍ، وَأَنَا أَحْفَظُهُ عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَاصِمٍ‏.‏

2003- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْهَرَوِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ بِقِصَّةِ الْمُتَلاعِنَيْنِ، وَقَالَ فِيهِ‏:‏ ‏"‏ فَقَدَّمَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَأَنَا أَنْظُرُ مَعَ النَّاسِ، فَتَلاعَنَا ‏"‏ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ‏:‏ فَمَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُمَا إِذَا تَلاعَنَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ لا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا وَقَدْ رَوَى بَعْضُ النَّاسِ هَذَا فَسَاقَهُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، فَلَمْ يَفْصِلْ فِيهِ بَيْنَ كَلامِ ابْنِ شِهَابٍ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ فِي الْحَدِيثِ فَذَكَرْنَا هَذَا لِيُعْلَمَ أَنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ مِنْ مُضِيِّ السُّنَّةِ، أَنَّهُمَا إِذَا تَلاعَنَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ لا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا ‏"‏ مِنْ كَلامِ ابْنِ شِهَابٍ، لا مِنْ كَلامِ مَنْ قَبْلَهُ غَيْرَ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَرْفًا مِمَّا كُنَّا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏"‏ مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُمَا إِذَا تَلاعَنَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ‏"‏، فَفِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ‏:‏ إِنَّ الْفَرَاغَ مِنَ اللِّعَانِ لا يُوجِبُ فُرْقَةً بَيْنَ الْمُتَلاعِنَيْنِ حَتَّى يُفَرِّقَ الْحَاكِمُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمَسَيِّبِ، وَالنَّخَعِيِّ فِي الْمُلاعِنِ إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ وَجَالَدَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الَّتِي لاعَنَهَا، كَما‏:‏

2004- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، ‏"‏ أَنَّ الْمُلاعِنَ إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ رُدَّتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ ‏"‏ قَالَ سُفْيَانُ‏:‏ وَلَقِينَا ابْنَ أَبِي هِنْدٍ، فَحَدَّثَنَا بِهِ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ وَمَعْنَى ‏"‏ رُدَّتْ إِلَيْهِ ‏"‏‏:‏ أَنْ تَزَوَّجَهَا، كَمَا يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلاثًا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ زَوْجًا فَدَخَلَ بِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَدَخَلَتْ لَهُ، لَيْسَ يُرَادُ بِذَلِكَ بِأَنَّهَا حَلَّتْ لَهُ بِغَيْرِ نِكَاحٍ يَأْتَنِفُهُ عَلَيْهَا، وَلَكِنْ قَدْ حَلَّتْ لَهُ، أَيْ قَدْ حَلَّتْ لَهُ مِنَ الْحُرْمَةِ الَّتِي كَانَتْ حَرُمَتْ بِهَا عَلَيْهِ، فَصَارَ هُوَ وَسَائِرُ النَّاسِ فِي حِلِّهَا لَهُمْ سَوَاءً‏.‏

2005- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنْ ضُرِبَ بَعْدَ ذَلِكَ، يَعْنِي الْمُلاعِنَ، ويَعْنِي الْحَدَّ، فَهُوَ خَاطِبٌ مِنَ الْخُطَّابِ، يَتَزَوَّجَا إِنْ شَاءَ وَشَاءَتْ ‏"‏ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ فِي هَذَا ما‏:‏

2006- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ إِذَا لاعَنَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ، وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ، رُدَّتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ ‏"‏

فَهَذَا عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ سَعِيدٍ أَنَّ الطَّلاقَ الَّذِي يَقَعُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِالْفُرْقَةِ فِي اللِّعَانِ طَلاقٌ لا يُبِينُهَا مِنْهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَيُوجِبُ لَهَا رَجْعَتَهَا إِلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَلا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَافَقَهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَكَانَ يَذْهَبُ، كَمَا ذَكَرْنَا عَنْهُ، أَنَّهُمَا لا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا، إِلَى قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُلاعِنِ فِي حَدِيثِ ابْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ‏:‏ ‏"‏ لا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا ‏"‏ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ فَلَمَّا أَطْلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْقَوْلَ، وَلَمْ يَقُلْ‏:‏ مَا لَمْ تُكَذِّبْ نَفْسَكَ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى ارْتِفَاعِ سَبِيلِهِ عَنْهَا أَبَدًا، وَلَوْ كَانَ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ إِلَى مُدَّةٍ مَا لَذَكَرَ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ‏}‏ وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ لِمُخَالِفِيهِ فِي هَذَا‏:‏ أَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُلاعِنِ‏:‏ ‏"‏ لا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا ‏"‏ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا إِذْ كُنْتَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ بَقَاءِ النِّكَاحِ إِذَا رَجَعْتَ عَنْهُ وَقَدْ وَجَدْنَا مِثْلَ ذَلِكَ فِي كَلامِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَوْلُهُ لأُمِّ حَبِيبَةَ لَمَّا قَالَتْ لَهُ‏:‏ هَلْ لَكَ فِي أُخْتِي‏؟‏‏:‏ ‏"‏ إِنَّها لا تَحِلُّ لِي ‏"‏ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ الرَّضَاعِ مِنْ كُتُبِنَا هَذِهِ، فَلَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّها لا تَحِلُّ لِي ‏"‏ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّهَا لا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهَا لا تَحِلُّ لِي مَا كُنْتِ أَنْتِ عِنْدِي، وَمَا كَانَ نِكَاحِي عَلَيْكِ، وَمَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُكِ مِنِّي، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ‏:‏ ‏"‏ لا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا ‏"‏ لا يُوجِبُ رَفْعَ سَبِيلَهُ عَنْهَا أَبَدًا حَتَّى لا يَكُونَا زَوْجَيْنِ فِي الْمُسْتَأْنَفِ وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ بِهَذَا الْقَوْلِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ، لأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ مَنْ رَوَى حَدِيثًا كَانَ أَعْلَمَ بِتَأْوِيلِهِ، فَهَذَا إِنَّمَا رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَقَدْ قَالَ سَعِيدٌ فِي الْمُلاعِنِ ‏"‏ إِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ رُدَّتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ ‏"‏، فَلَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ السَّبِيلَ كَمَا تَأَوَّلَ الشَّافِعِيُّ فِي حَدِيثِهِ وَكَذَلِكَ الزُّهْرِيُّ فَقَدْ ذَكْرَنا عَنْهُ مُضِيَّ السُّنَّةِ ‏"‏ أَلا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا ‏"‏، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ ما‏:‏

2007- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ‏"‏ فِي الْمُتَلاعِنَيْنِ‏:‏ ‏"‏ لا يَتَرَاجَعَانِ أَبَدًا إِلا أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ، فَيُجْلَدُ الْحَدَّ، وَتَظْهَرُ بَرَاءَتُهَا، فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَرَاجَعَا ‏"‏ فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏"‏ مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُمَا لا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا ‏"‏ أَيْ مَا كَانَ الزَّوْجُ مُقِيمًا عَلَى قَوْلِهِ، وَثَابِتًا عَلَى الْحَالِ الأُولَى الَّتِي لاعَنَ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَعَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ، ‏"‏ أَنَّهُمَا لا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا ‏"‏ هُوَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، مَا كَانَا عَلَى الْحَالِ الَّتِي يُلاعِنَا عَلَيْهَا فَأَمَّا إِذَا زَالا عَنْهَا بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا، وَصَارَا إِلَى حَالٍ لَوْ كَانَا صَارَا إِلَيْهَا قَبْلَ الْمُلاعَنَةِ لا يَتَلاعَنَا، ذَهَبَتِ الْحُرْمَةُ الَّتِي كَانَتْ وَجَبَتَ، لأَنَّ اللِّعَانَ إِنَّمَا كَانَ مَضَى عَلَيْهِمَا الْحُكْمَ بِزَوَالِ النِّكَاحِ عَنْهُمَا بِثُبُوتِهِمَا عَلَى مَا كَانَا عَلَيْهِ مِنَ التَّكَاذُبِ فِيمَا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنَ الزِّنَى الَّذِي رَمَاهَا بِهِ فَأَمَّا لَوْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ فَحُدَّتِ الْمَرْأَةُ، وَحَدَثَتْ حَادِثَةٌ تَمْنَعُ اللِّعَانَ، لَمْ يَتَلاعَنَا، وَبَقِيَا زَوْجَيْنِ عَلَى حَالِهِمَا، فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْحَادِثَةُ إِذَا حَدَثَتْ بَعْدَ اللِّعَانِ أَنْ تُطْلَقَ الْحُرْمَةُ الَّتِي كَانَ اللِّعَانُ أَوْجَبَهَا فَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ‏}‏، فَإِنَّ الْعَذَابَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الآيَةِ مِنَ الْمُتَشَابَهِ الْمُخْتَلَفِ فِي الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ، فَطَائِفَةٌ تَقُولُ‏:‏ هُوَ الْحَبْسُ حَتَّى تُلاعِنَ كَمَا لاعَنَ الزَّوْجُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَطَائِفَةٌ تَقُولُ‏:‏ هُوَ الْحَدُّ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيهِ، فَوَجَدْنَا الْحُدُودَ الْمُتَّفَقِ عَلَى وُجُوبِهَا إِنَّمَا تَجِبُ بِالإِقْرَارَاتِ أَوِ الْبَيَانَاتِ الْوَاجِبِ بِهَا إِقَامَتُهَا، لا بِمَا سِوَى ذَلِكَ، فَكَانَ الْقِيَاسُ أَلا يُقَامَ الْحَدُّ عَلَى الْمَرْأَةِ إِلا بِوَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ‏.‏

تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآيَة

قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا‏}‏ فَهَذَا عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، فِي الزَّوْجَيْنِ الْبَالِغَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ إِذَا اشْتَبَهَتْ حَالاهُمَا، وَتَبَاعَدَ مَا بَيْنَهُمَا، وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ مَنْعَهُ مِنَ الْحَقِّ الْوَاجِبِ لَهُ، وَلَمْ يَقِفِ الإِمَامُ عَلَى الظَّالِمِ مِنْهُمَا بِعَيْنِهِ فَيَمْنَعُهُ مِنْ ظُلْمِهِ، وَيَأْخُذُهُ بِالرُّجُوعِ إِلَى الْحَقِّ، فَيَبْعَثُ فِي ذَلِكَ حَكَمَيْنِ، أَحَدُهُمَا مِنْ أَهْلِ الزَّوْجِ، وَالآخَرُ مِنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ، حَتَّى يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ، وَيَكْشِفَا الْحَالَ فِيهِ فَإِذَا وَقَفَا عَلَى حَقِيقَةِ الأَمْرِ فِيهِ رُدَّ الظَّالِمُ مِنْهُمَا إِلَى الْحَقِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي بُعِثَا مِنْ أَجْلِهِ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى ذَلِكَ وَإِلا كَانَا شَاهِدَيْنِ عَلَيْهِ بِمَا قَدْ وَقَفَا عَلَيْهِ، فَيُؤَدِّيَانِ ذَلِكَ إِلَى الإِمَامِ عَلَى سَبِيلِ الشَّهَادَةِ، فَيَأْخُذُ الإِمَامُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ مِنَ الزَّوْجَيْنِ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ عَلَيْهِ، وَيَقْضِي بِذَلِكَ، وَيَرُدُّهُ إِلَى الْوَاجِبِ فِيهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ، هَلْ لَهُمَا أَنْ يُفَرِّقَا بِمَا قَدْ جُعِلَ إِلَيْهِمَا حَتَّى تَكُونَ الْمَرْأَةُ بَائِنًا مِنْ زَوْجِهَا، وَيَكُونَ زَوْجُهَا فِي مَعْنَى الْمُطَلِّقِ‏؟‏ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيْهِمَا إِلا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجَانِ قَدْ جَعَلاهُ إِلَيْهِمَا فَيَكُونُ ذَلِكَ، وَمِنَ الاجْتِعَالِ لِلزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ فِيهِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى كَما‏:‏

2008- حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، وَهِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ، قَالَ‏:‏ جَاءَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، وَقَدْ نَشَزَتْ عَلَى زَوْجِهَا، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ ابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا ‏"‏ فَفَعَلُوا، فَقَالَ عَلِيٌّ لِلْحَكَمَيْنِ‏:‏ ‏"‏ أَتَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا‏؟‏ ‏"‏ قَالا‏:‏ وَمَا عَلَيْنَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ عَلَيْكُمَا إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا جَمَعْتُمَا، وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَرَّقْتُمَا ‏"‏ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ‏:‏ رَضِيتُ وَسَلَّمْتُ وَقَالَ الرَّجُلُ‏:‏ أَمَّا بِالْفُرْقَةِ فَلا أَرْضَى فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ‏:‏ ‏"‏ لَيْسَ ذَلِكَ إِلَيْكَ، لَسْتُ بِبَارِحٍ حَتَّى تَرْضَى مَا رَضِيَتْ ‏"‏ أَفَلا تَرَى أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمْ يَجْعَلْ إِلَى الْحَكَمَيْنِ أَنْ يُفَرِّقَا بَيْنَ الزَّوْجِ وَامْرَأَتِهِ وَالزَّوْجُ يَأْبَى ذَلِكَ حَتَّى يَجْعَلَهُ الزَّوْجُ إِلَيْهِمَا، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ لا يَكُونُ إِلَيْهِمَا بِالتَّحْكِيمِ الْمُطْلَقِ حَتَّى يُبَيَّنَ ذَلِكَ لَهُمَا فِيهِ وَدَلَّ قَوْلُ عَلِيٍّ‏:‏ ‏"‏ لَسْتُ بِبَارِحٍ حَتَّى تَرْضَى بِمِثْلِ مَا رَضِيَتْ ‏"‏ أَنَّ عَلَى الإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ الزَّوْجَ بِهَذَا حَتَّى يُفَوِّضَهُ إِلَى الْحَكَمَيْنِ لِيَكُونَ إِلَيْهِمَا مَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الْخُرُوجُ مِنْهُ إِلَى الْمَرْأَةِ، وَمَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْخُرُوجُ مِنْهُ إِلَى الزَّوْجِ مِنْ تَأْدِيَةِ الْحُقُوقِ الَّتِي عَلَيْهِمَا بِحَقٍّ فَرَضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمَا فِيهِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ إِلَى الْحَكَمَيْنِ إِذَا أَقَامَهُمَا الإِمَامُ مَقَامَ التَّحْكِيمِ، أَنْ يُفَرِّقَا إِذَا رَأَيَا ذَلِكَ، جَعَلَهُ الزَّوْجُ أَوْ لَمْ يَجْعَلْهُ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَما‏:‏

2009- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْحَضْرَمِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالا‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏‏"‏ ‏{‏وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا‏}‏‏:‏ فَهَذَا الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ إِذَا تَفَاسَدَ الَّذِي بَيْنَهُمَا، فَأَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَبْعَثُوا رَجُلا صَالِحًا مِنْ أَهْلِ الرَّجُلِ، وَرَجُلا مِثْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ، فَيَنْظُرَانِ أَيُّهُمَا الْمُسِيءُ، فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ هُوَ الْمُسِيءُ حَجَبَا عَنْهُ امْرَأَتَهُ، وَقَصَرَاهُ عَلَى النَّفَقَةِ وَإِنْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ هِيَ الْمُسِيئَةُ قَصَرُوهَا عَلَى زَوْجِهَا، وَمَنَعُوهَا النَّفَقَةَ فَإِنْ أَجْمَعَ رَأْيُهُمَا عَلَى أَنْ يُفَرِّقَا أَوْ يَجْمَعَا فَأَمْرُهُمَا جَائِزٌ ‏"‏

قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ وَلْيَسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ إِمْضَاءُ شَيْءٍ مِمَّا بُعِثَا لَهُ حَتَّى يُتَابِعَهُ الآخَرُ عَلَيْهِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ كَما‏:‏

2010- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا حَكَمَ أَحَدُ الْحَكَمَيْنِ وَلَمْ يَحْكُمِ الآخَرُ فَلَيْسَ حُكْمُهُ بِشَيْءٍ حَتَّى يَجْتَمِعَا ‏"‏ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ اخْتِلافٌ فِيمَا ذَكَرْنَا، مِمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ عَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ فَمِنْ ذَلِكَ ما‏:‏

2011- حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ امْرَأَةً نَشَزَتْ عَلَى زَوْجِهَا، فَاخْتَصَمَا إِلَى شُرَيْحٍ، فَقَالَ شُرَيْحٌ‏:‏ ‏"‏ ابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا ‏"‏ فَبَعَثُوا، فَنَظَرَ الْحَكَمَانِ فِي أَمْرِهِمَا، فَرَأَيَا أَنَّ يُفَرِّقَا، فَكَرِهَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ شُرَيْحٌ‏:‏ ‏"‏ فِيمَ كَانَا هَذَا الْيَوْمَ‏؟‏ ‏"‏ وَأَجَازَ قَوْلَهُما‏:‏

2012- حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ هُشَيْمٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ مَا حَكَمَ الْحَكَمَانِ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ إِنْ فَرَّقَا وَإِنْ جَمَعَا ‏"‏‏.‏

2013- حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مِثْلَ ذَلِكَ‏.‏

2014- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ الْحَكَمَيْنِ، فَقَالَ ‏"‏ لَمْ أُدْرِكْ إِذْ ذَاكَ ‏"‏ فَقُلْتُ‏:‏ إِنَّمَا أَسْأَلُكَ عَنِ الْحَكَمَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي الْقُرْآنِ قَالَ‏:‏ ‏"‏ يُبْعَثُ بِحَكَمٍ مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمٍ من أَهْلِهَا، فَيُكَلِّمَانِ أَحَدَهُمَا، وَيَعِظَانِهِ، فَإِنْ رَجَعَ وَإِلا كَلَّمَا الآخَرَ، فَإِنْ رَجَعَ وَإِلا حَكَمَا، فَمَا حَكَمَا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ ‏"‏‏.‏

2015- حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏‏"‏ ‏{‏إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا‏}‏، قَالَ‏:‏ هُمَا حَكَمَانِ، وَمَا حَكَمَا مِنْ شَيْءٍ جَازَ ‏"‏‏.‏

2016- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ ‏"‏ ‏{‏فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا‏}‏‏:‏ إِنْ خَافُوا أَلا تُطِيعَهُ، وَلا تُوَاتِيَهُ، وَلا يَتْرُكَهَا، فَإِنْ لَمْ يَصْطَلِحَا اخْتَلَعَتْ، وَقَبِلَ مِنْهَا مَالَهَا، وَلَيْسَ الْخُلْعُ إِلا فِي مِثْلِ هَذَا ‏"‏ فَقَوْلُ مُجَاهِدٍ‏:‏ ‏"‏ فَإِنْ لَمْ يَصْطَلِحَا اخْتَلَعَتْ ‏"‏ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخُلْعَ إِلَيْهِمَا، لا إِلَى الْحَكَمَيْنِ، وَإِذَا كَانَ الْخُلْعُ إِلَيْهِمَا كَانَ الطَّلاقُ الَّذِي يَجِبُ بِهِ إِذَا كَانَ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ إِلَى الزَّوْجِ، لا إِلَيْهِمَا فَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلَهُ عَنِ التَّابِعِينَ الَّذِينَ رُوِّينَا عَنْهُمْ إِجَازَةَ قَوْلِ الْحَكَمَيْنِ‏.‏

2017- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ‏:‏ إِذَا حَكَمَ الْحَكَمَانِ فَاخْتَلَفَا فَلا حُكْمَ لَهُمَا، فَيُجْعَلُ غَيْرُهُمَا، وَمَا حَكَمَا مِنْ شَيْءٍ جَازَ ‏"‏ قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ وَلا يَنْبَغِي لِلإِمَامِ أَنْ يَبْعَثَ فِي مِثْلِ هَذَا إِلا الْعَدْلَيْنِ فِي شَهَادَتِهِمَا الْعَالِمَيْنِ بِالأَحْكَامِ فِيمَا يَبْعَثُهُمَا فِيهِ حَتَّى يَكُونَ مَا يَمْضِي مِنْ أَمْرِهِمَا فِي ذَلِكَ عَلَى سَدَادٍ وَاسْتِقَامَةٍ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ فَكَانَ الطَّلاقُ يُوجِبُ حَلَّ النِّكَاحِ، وَلَمْ نَجِدِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ إِلَى غَيْرِ الأَزْوَاجِ، ثَبَتَ بِذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَلا يَخْرُجَ عَنِ الزَّوْجِ مَا قَدْ جَعَلَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ، إِلَى الْحَكَمَيْنِ إِلا بِإِخْرَاجِهِ ذَلِكَ إِلَيْهِمَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَقَدْ رَأَيْنَا اللِّعَانَ يَتَوَلاهُ الْحَاكِمُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَيُوجِبُ الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا بِالسَّبَبِ الَّذِي يَجِبُ بِهِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ بِغَيْرِ طَلاقٍ مِنَ الزَّوْجِ، فَأَمْرُ الْحَكَمَيْنِ اللَّذْينِ ذَكَرْنَا فِي التَّفْرِيقِ يَكُونُ إِلَى الْحَكَمَيْنِ حَتَّى يُزِيلا النِّكَاحَ الَّذِي بَيْنَهُمَا قِيلَ لَهُ‏:‏ إِنَّ اللِّعَانَ الَّذِي ذَكَرْتَ فَإِنَّا وَجَدْنَا الزَّوْجَيْنِ لَوْ رَضِيَا بَعْدَ مُضِيِّهِ بَيْنَهُمَا أَنْ يُقِيمَا عَلَى النِّكَاحِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمَا، وَكَانَ عَلَى الإِمَامِ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا، لأَنَّهُمَا يُقِيمَانِ عَلَى مَعْنًى لا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمَا مَعَهُ عَلَى النِّكَاحِ حَتَّى يَرُدَّا ذَلِكَ الْمَعْنَى عَنْهُمَا وَالزَّوْجَانِ اللَّذَانِ بُعِثَ الْحَكَمَانِ فِي أَمْرِهِمَا، لَوْ أَجْمَعَا بَعْدَ نَظَرِ الْحَكَمَيْنِ فِي أُمُورِهِمَا بِالإِقَامَةِ عَلَى مَا هُمَا عَلَيْهِ لَمْ يَأْخُذْهُمَا الإِمَامُ بِالْفُرْقَةِ، وَكَانَ مَا فَعَلاهُ وَاسِعًا لَهُمَا فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ اللِّعَانَ يُحَرِّمُ اجْتِمَاعَ الْمُتَلاعِنَيْنِ، وَأَنَّ الشِّقَاقَ الَّذِي ذَكَرْنَا، وَالنَّظَرَ الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ الْحَكَمَيْنِ لا يُحَرِّمُ عَلَيْهِمَا الاجْتِمَاعَ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَكُنِ الْفُرْقَةُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلا بِمَا كَانَتْ تَكُونُ بِهِ قَبْلَهُ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ‏.‏